متابعات

العلا .. أسرار التاريخ وكنز الحضارات الإنسانية

جدة ـ عبد الهادي المالكي

تفتح منطقة العلا صفحات التاريخ من جديد لتبهر زوارها بما تمتلك المنطقة من قيمة تاريخية فما أن تبدي لك المدينة معالمها الثرية بالتاريخ إلا وتكتشف بين كثبانها وجلاميدها روائع طبيعية فريدة في شكلها وتنوعها قلما تشاهدها في المواقع السياحية العالمية.


ولما كانت العلا في سالف العصر جسراً حضارياً بين الشرق والغرب بوصفها إحدى محطات طريق البخور، وملتقى للحوار الثقافي والحضاري سعت الهيئة الملكية للعلا لتجسيد قيم التنوع بإبرازها من خلال المهرجان العالمي (شتاء طنطورة) الذي يسلط الضوء على الفنون والثقافة والتاريخ والتراث في محافظة العلا، ومكنت عبر فعالياتها السياح والزوار من مختلف دول العالم الاستمتاع بالعروض الفنية والثقافة والمغامرات ،دعمت ذلك الخطوات التي انتهجتها المملكة.

ولأن العلا أيقونة تاريخية فقد زار الرحالة أنطوان جوسن، ورفائيل سافينياك، مدائن صالح عام 1907م، واستكشفا النقوش: “النبطية، والمعينية واللحيانية والثمودية التي وجدت في البيوت المنحوتة على جبالها، وعملا على تحليلها وترجمتها إلى معانِ معروفة، فضلاً عن تقديم وصف شامل لآثار موطن “الأنباط المعروف بالحِجر عند المؤرخين والجغرافيين العرب. وألّف المؤرخان جوسن وسافينياك بعد رحلاتهما الثلاث إلى الجزيرة العربية كتابًا بعنوان ” رحلة استكشافية أثرية إلى الجزيرة العربية ” يتكون من خمسة مجلدات عدّ مرجعًا للكثير من الباحثين في العالم على الرغم من تطور قراءة اللغات القديمة والنبطية، خاصة عند المتخصصين في مجالات : النقوش، والآثار، والجغرافيا، والاجتماع.
وتميز الرحالة الفرنسيين عن غيرهم من الجنسيات الأخرى بشغفهم للتراث القديم، حيث قام المستكشف الفرنسي شارل هوبر برحلتين إلى الجزيرة العربية أولاهما عام 1880م، والثانية عام 1884م ، زار خلالهما : الجوف، حائل، جبة، بريدة، تيماء، وخيبر.

وقد كان تركيز الرحالين على آثار مدائن صالح الجنائزية والدينية وما تحويه تلك المنطقة من قصور ونقوش.وكان بداية دخولهم لمدائن صالح من الشعب الكبير الذي يدعى مبرك الناقة ويشير الى بوابة سهل مدائن صالح.
ومبرك الناقة يدل على الموضع الذي ماتت فيه ناقة صالح التي منحت كعلامة لكفار ثمود من قبل النبي صالح عليه السلام. ويوجد على صخور جنبات المبرك كتابات تشكل العربية أكبر نسبة من غيرها من النقوش النبطية الثمودية واليونانية.

وتشكل الاوابد الجنائزية في مدائن صالح كما هو الحال بالنسبة لعدد كبير من مدافن البتراء نمطاً معمارياً متميزاً تماماً لا تجد له مثيلاً في بلاد الانباط.
هذا ويصف كتاب “رحلة استكشافية الى الجزيرة العربية للرحالين” رحلة مهمة قام بها المؤلفان الى مدائن صالح في المملكة العربية السعودية انطلاقاً من الشام وقد ركز كتابهما على ما عثر عليه فيها من نقوش نبطية والحياتية ومعينية وترجماها الى معان مفهومة كما تضمن الكتاب حديثاً عن النقوش العربية الموجودة في تلك الأمكنة ووصفا بشكل دقيق آثار الحجر مدائن صالح.

وتشتهر الحِجر بأنها تضم اليوم أكثر من 100 مدفنٍ أثريٍ منحوتٍ من التكوينات الصخرية التي دُفن فيها نخبة الأنباط. وما تزال بعض هذه المدافن المذهلة تحمل حتى يومنا هذا النقوش التي تشرح عن الشخصيات المدفونة فيها. وأثناء تجوالكم في الموقع، ستجدون مدافن مخصّصة للمُعالِجين، والشخصيات العسكرية، والقادة المحليين، وغيرهم.
تتوزّع النقوش في جميع أنحاء الحِجر، حيث تكشف عن أصول اللغة العربيّة، وتُسلّط الضوء على عادات ومعتقدات الحضارات القديمة. وبالإضافة إلى النقوش، سترون منحوتاتٍ حجريةٍ متكرّرة ومنمّقة، حيث كانت هذه الكتل الحجرية بمثابة تمثيلٍ للآلهة، حيث يظهر على بعضها عيون وأنوف وأفواه منمّقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *