جميعنا نولد بنفس القدرات والإمكانات الذهنية والعقلية إلا فيما ندر. وذلك نتيجة لمرض او اعاقة .. هذا وتتولى اللغة والتربية والتعليم والعادات والتقاليد والبيئة المحيطة اعادة تشكيل تلك القدرات لدى الأطفال ويصبحون منطلقين أو منعزلين أو نمطيين تقليديين ومنهم من يمكنه ان يمتطي الصعاب ويخاطر ويصبح مبدعاً.
وهنا يأتي دور الوالدين في المنزل بتشجبع اطفالهم على الاقدام والمخاطرة وتجريب اساليب وافكار وانماط جديدة كي يبدعوا.
دعوني أضرب لكم أمثلة عن المقصود بالمخاطرة فالموسيقي والكاتب والمهندس والطبيب والفنان التشكيلي والمخرج السينمائي .. الخ .. هؤلاء المبتكرون المبدعون لا يمكنهم تقييم أعمالهم قبل إنجازها أو اكتمالها ونشرها .. وإذا ما قام المبدع بعمليات التقييم لأعماله في مرحلة التكوين وتقرير إذا ما كانت ستنجح أم لا فإن هذا التقييم المبكر سيقوض عمل المبدع ويجعل بينه وبين الثقة بالنفس حاجزا قويا يمنعه من الانطلاق واكمال مشواره في الابداع والابتكار.
لذلك يجب أن يتفق كل من الأب والأم .. بأنه بدون السماح لطفلهم بالمخاطرة فسوف لن يكون الإبداع سمة ومنهاجا له.. فلا إبداع دون مخاطرة.
واعود بالذاكرة الى الوراء .. عندما كنا صغارا وفي مقتبل العمر من منا لم يشيد بيتا من الكرتون او يبني هرما على رمال الشاطئ او يرسم باقة ورد علي الورق بالالوان المائية او ينظم قصيدة خنفشارية أو يدندن بلحن أغنية أو يرسم لوحة ويخفيها عن الأعين خوفاً من الانتقاد الخ .. ولكن ماذا لو شجعنا هؤلاء الشعراء والكتاب والموسيقيين الصغار على بذل جهد أكبر واعادة المحاولات مرة تلو الأخرى حتى يستطيعوا أن يكملوا المشوار ويبدعوا وينجحوا.
ويجب ان نعلم اطفالنا اننا عندما نفشل أكثر ما سنواجهه هو الانتقاد .. ليس أكثر من ذلك، وأن طريق المخاطرة يتطلب إرادة وعزيمة وممارسة مستمرة دون تردد أو خوف أو وجل او خجل من الفشل .. وأن ندرك ان الاخفاق له حسناته أيضاً فنحن نتعلم من أخطائنا .. وإن عدم فعل اي شيءٍ .. هو الفشل بعينه.
ومعادلتي الذهبية .. ان اهم مفاتيح الابداع عند الانسان انه يتصف بالمخاطر .. الذي يركب الصعاب ويجدف بعكس التيار غير عابئ بما يقال عنه .. حتى لو وصف بالجنون .. وان تكريم المبدع بالتقدير والجوائز يكون له دافع قوي كي يواصل صناعة التغيير والتحول بابداعاته وابتكارات.
