اجتماعية مقالات الكتاب

ملعقة من ذهب

قال لي أريد أن أكتب قصة حياتي ، قلت له اسرد لي الصعاب التي مررت بها.
بدأ بقوله : ولدت وفي فمي ملعقة من ذهب ، استطيع ان اقتني ما احلم به في اي وقت ، ولم اواجه أية صعوبات في حياتي.
فقاطعته وقلت له اذهب واصنع لنفسك أولا مهمة صعبة ومن ثم انجزها ، ثم اكتب اعظم قصة مع المستحيل.
وذهب ولم يعد ، والبارحة فاجأني بمكالمة قال لي بصوته الجهوري ، لقد وجدتها ، قلت له ماذا؟.

قال: حياتي مع المستحيل.
وبدأ يسرد لي قصته مع الواقع الجديد ، حياته في زمن الكورونا ، والحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي وعدم رؤية وجوه وابتسامات احبابه وأصدقائه والمنتفعين منه ، والذين كانوا يضحكون لنكاته ، ولم يعد يسمع كلمات الاطراء العبثية ، في الفاضية والمليانة ، وحكي لي كيف كان يقضي وقته طوال اليوم والاسابيع والاشهر في عزلة قاتلة.
وتحشرج صوته بالبكاء ، فقلت له : ما بك ، قال لي : لم تنفعني ملعقة الذهب ، ولا الاطباق المذهبة التي كنت اتباهي بها في كل فرصة ، عندما نأكل في المنزل انا وأصدقائي او في احد المطاعم الفاخرة حول العالم ، ولم استطع ان ارتدي بذلتي المصنوعة من الحرير الطبيعي ، او أحمل شنطتي الجلدية الفاخرة وأسافر بها.

وقال: فتحت خزنتي في المنزل وجدتها مليئة بالمال ، ولكن لا أستطيع أن أفعل اي شئ بنقودي ، حتي العلاج في ارقي مستشفيات العالم لم يعد ممكنا ، وتنهد وقال ،حتي اصدقائي ، لا استطيع ان اراهم كالعادة بعد منتصف كل ليلة حتي الفجر.
ببساطة ، لقد فقدت اعز ما املك في هذه الحياة ، الطمأنينة ،وحريتي ، والناس.

كل انسان علي سطح كوكب الارض لديه قصة عظيمة يجب ان تحكي وتكتب وتسجل في يوميات زمن الكورونا سواءا كان غنيا ام فقيرا ، كبيرا ام صغيرا ، حتي الاطفال سوف تسجل ذاكرتهم معاناتهم وحرمانهم من ممارسة الخروج الي المدارس والشارع والجري واللعب في الملاهي مع اقرانهم.
قصص النجاح والابداع والابتكار غالبا ما تتوهج في زمن الصعاب والشدائد ، كما هو حاصل معنا في هذه الفترة من حياتنا ، زمن الكورونا ، فهناك من الاذكياء من صنع الامجاد بتحديه لصعوبات ممارسة الحياة عن بعد في العمل والتعليم والصحة وغيرها ، فصنع منصات التخاطب المرئية الالكترونية ، والتطبيقات البرمجية واجهزة المتابعة الصحية والتداوي عن بعد الخ ،،.

وهناك من قفزت ثروته من الملايين الي البلايين مثل الون ماسك وامازون وعلي بابا ومايكروسوفت وآبل الخ. وذلك عن طريق ابتكار افكار جديدة للتعايش والتعامل مع تحديات تفادي عدوي الكورونا ، وآخرون اعادوا اكتشاف انفسهم ومارسوا هواياتهم واصبحوا مبدعين في التشكيل والكتابة والقراءة والموسيقي ، وصنعوا قصص نجاحاتهم.
والاهم من كل هذا وذاك ، هو من يفكر اليوم ويبتكر منظومة جديدة لاعادة بناء طرق عيش مختلفة علي كوكب الارض ، تمكننا من تفادي الكوارث البيئية والازمات الطبيعية وان نحافظ على البحر والشجر والحجر ، وان تعيش البشرية في امن وسلام ووئام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *