جدة ـ ياسر بن يوسف ــ رانيا الوجيه
فجرت وقائع قيام طبيب التجميل بتصوير مناطق حساسة لمرضى أجرى لهم عمليات ونشرها بشكل خادش للحياء قنبلة مجتمعية، أبطل وزير الصحة مفعولها مؤقتا حين قرر إيقاف الطبيب عن ممارسة المهنة .. الا ان الجدل لا يزال مستمرا وبقوة حول الواقعة التي اعتبرها البعض جريمة مكتملة الأركان .. وكذلك حول أخلاقيات الطب وحقوق المريض وواجبات الطبيب.
وكانت وزارة الصحة قد وضعت روشتة توعوية للتعريف بحقوق المرضى ولمساعدتهم في الحصول عليها، وذلك تحت شعار “يحق لك “وتعد هذه الحملة من المشاريع التوعوية التي تتواكب مع رؤية المملكة 2030 وحرصها على المواطن ، فضلا عن إعادة صياغة الحقوق الموجودة في المستشفيات لتكون أوضح وأسهل في الوصول إليها، إذ تسعى لتعريف المرضى بحقوقهم بطرق مبتكرة وجذابة وغير تقليدية لإيصال الرسائل للمريض عند مراجعته المرافق الصحية، إضافة إلى إعداد ملصقات توضيحية للتعريف بحقوق المرضى، إضافة إلى وضع آليات لتلمس ومعرفة المسؤولين لحاجات المرضى وإيجاد الحلول الناجحة والفعّالة للمشكلات التي يطرحها المرضى وذووهم من وجهة نظرهم وتفعيل دور لجان حقوق وعلاقات المرضى في المنشآت الصحية.
ورغم هذه المبادرات الإنسانية فإن ثمة أطباء – مثل بطل الواقعة – يخرقون “ملاءة” مرضى الأسرة البيضاء ويهتكون سترهم ويفشون أسرارهم التي ائتمنوا عليها ويقومون بتصويرهم بدون علمهم ونشر الصور في مواقع التواصل الاجتماعي ضاربين عرض الحائط بأخلاقيات المهنة .
( البلاد ) حملت ملف الحفاظ على خصوصية المرضى والتقت بعدد من الأطباء والقانونيين والذي اكدوا أن إجراءات العمل المتعلقة بحقوق وعلاقات المرضى وآليات التعامل مع شكاواهم وملاحظاتهم تندرج تحت بند أخلاقات المهنة ومظلة الانسانية ، وأنه لا يمكن الحديث عن حقوق المرضى بمعزل عن حقوق الإنسان أو عن أخلاقيات مهنة الطب، لافتين في الوقت نفسه إلى أن حقوق المرضى خط أحمر.
وأضافوا أن الضرورة تقتضي تكثيف دراسة علم الأخلاق لطلاب كليات الطب والممرضين والممرضات والمشتغلين عموما في المجال الصحي، فلا يجوز أن نطالب الأطباء وغيرهم بما لا يعرفون عنه ولم يدرسوه، ومن المهم إلزام المستشفيات والمؤسسات الطبية إيجاد إدارات ترعى حقوق المرضى وتقدمها على أي اعتبار آخر، ومن المهم أيضا رصد ميزانيات لتوعية الناس بحقوق المرضى فلا يتناقلون معلومات خاصة بالمريض ولا يجلس زوار المريض ساعات في غرفته على حساب راحته.
توثيق التغيرات
بداية يوضح دكتور هاشم بلخي استشاري تجميل أن الطبيب في عمليات التجميل يحتاج إلى صور قبل العملية و بعدها لاظهار الفارق و توثيق التغييرات في المنطقة التي ستجرى الجراحة لها ويقول : من وجهة نظري أن الأمر ضروري في جراحة التجميل لكل المرضى، ولكن هناك مرضى يرفضون التصوير وهذا من حقهم غير أن التصوير هو اداة مساعدة للطبيب والمريض على حد سواء، ولكن أن يستخدم الطبيب صور المرضى في السوشيال ميديا فإن هذا ضد اخلاقيات المهنة.
ويضيف: اثناء عملي في القطاع الحكومي كنت تقريبا اصور جميع الحالات قبل وبعد العمليات الجراحية ولكن هذة الصور لا استعملها الا في اظهار الفرق للمريض أو اهله حيث أن مسؤليتي كطبيب أن احافظ على خصوصية اي مريض التقط له صوراً وان لا اسمح بأن يطلع علىها اي شخص آخر.
ضوابط التصوير
من جهته أوضح الدكتور انتصار راغب استشاري نساء وولادة وعقم وجراحة مناظير أنه يمكن تصوير العمليات او اعضاء المريض قبل وبعد العملية بغرض التعليم في الحالات أو لرؤية الفرق قبل العملية او بعدها كما في جراحة التجميل وقد ذكرت شروط التصوير في نظام مزاولة المهن الصحية بالمملكة حيث جاء في منطوق تلك الشروط أنه يحظر على الممارس الصحي تصوير أو نشر العمليات الجراحية أو الإجراءات العلاجية ما لم تتوافر الضوابط المتمثلة في موافقة خطية من المريض فضلا عن موافقة المنشأة الصحية. وان يكون التصوير لأغراض علمية معتمدة.
وفي حالة رفض المريض التصوير يحظر على الطبيب ذلك وفي حال قيامه بذلك فإنه يعرض نفسه للمساءلة والعقاب. أما اغراء المريض بخصومات مقابل التصوير فأعتقد انه لا يتماشى ابداً مع الاخلاق التي يجب على كل طبيب ان يتحلى بها.
مخالفة قانونية
المحامي القانوني عبدالعزيز نقلي قال : يجوز فقط التصوير للطبيب وليس غيره لغرض أو بهدف طبي أو علاجي ، أما خلاف ذلك فيعتبر مخالفة قانونية خاصة وإذا قام الطببيب بنشر تلك الصور على مواقع التواصل الاجتماعي أو في أي مكان آخر دون أخذ موافقة المريض أو من يرافقه بخطاب نصي موقع عليه، وتصنف تلك المخالفة ضمن الجرائم الإلكترونية، وعلى المتضرر أن يقوم بإبلاغ الشرطة ثم يتحول البلاغ الى النيابة وبعد ذلك الى المحكمة الجزائية ومن ثم يخضع للعقوبة الجنائية.
خدمة إنسانية
من جانبها أوضحت المستشارة القانونية نجود عبدالله قاسم الطبابة أن الطب مهنة لا شبيه لها بين المهن الاخرى وتعتبر من أجلِّ المهن الانسانية والاخلاقية وتحتم على ممارسها احترام الشخصية الانسانية في شتى الظروف لانها ممارسة فنية تستوجب الثقة بين الطبيب ومريضه كما تستوجب احترام كرامته وتقديم اقصى العناية به. ولا يقل السلوك الطبي في أهميته عن العلم كما أن الأخلاق تسبق في أهميتها العلوم الطبية، من أداب مهنة الطب مراعاة (التقاليد الأصيلة الموروثة ومبادئ الإسلام الحنيف)، وأيضاً أخلاقيات وقيم تم اكتسابها وتبنيها من قبل الهيئات الطبيّة على مدار تاريخ الطب واستناداً لقيم دينية وفلسفية وأخلاقية، والتي تدعمها غالباً مجموعة من القوانين واللوائح المنظمة للعمل الطبي.
احترام الحقوق
وقالت المحامية والمحكم التجاري رباب المعبى أن نظام مزاولة المهن الصحية في مادته الخامسة ألزم الممارس الصحي بأن يــزاول مهنتــه لمصلحــة الفــرد والمجتمــع فــي نطــاق احتــرام حــق الإنسان فــي الحيــاة وسـلامته وكرامتـه، مراعيـًا فـي عملـه العـادات والتقاليـد السـائدة فـي المملكـة مبتعـدًا عـن الاستغلال.
ومن الواجبات في لائحة نظام المهن الصحية المادة 5-1 أنه ينبغي على الممارس الصحي احترام حق المريض وفقًا للمبادئ الشرعية والمعايير الطبية المعتمدة.كما وأنه يحظـــر علـــى الممـــارس الصحـــي تصويـــر أو نشـــر العمليـــات الجراحيـــة أو الإجراءات العلاجية مـــا لـــم تتوافـــر الضوابـــط القانونية لذلك.
خصوصية وسرية
أوضحت هيئة حقوق الإنسان ضرورة الحفاظ على حقوق المرضى في الخصوصية والسرية، والحماية والسلامة، والتعامل مع التكاليف المادية والتأمين الصحي، وإجراءات الشكاوى والمقترحات، لافتة إلى أن حقوق المرضى في الخصوصية والسرية تتمثل في: مناقشة البرنامج العلاجي للمريض سواء معه أو الوصي القانوني عليه بسرية، الحفاظ على ستر عورة المريض في غير ما تقتضيه ضرورة العلاج، الحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالمريض والتشخيص والتحاليل والعلاج والسجلات الطبية إلا بموافقته أو موافقة الوصي القانوني عليه ومنع سوء استخدامها -في ما عدا ما تطلبه الجهات القضائية-، رفض مقابلة أي شخص لا علاقة له بتقديم الرعاية الصحية بمن في ذلك الزوار، ألا يطلع على الملف الطبي للمريض سوى الفريق الطبي المشرف على العلاج، وفريق برنامج إدارة الجودة، وفريق الأبحاث في المنشأة الصحية، وجميع الأشخاص المخول لهم خطياً من قبل المريض أو الوصي القانوني عليه أو الجهات القضائية، نقل المريض إلى غرفة خاصة للفحص إن لم تكن غرفة التنويم مناسبة لذلك، ضمان وجود شخص من نفس جنس المريض يوجد أثناء الفحص السريري أو التدخلات المطلوبة، ألا يبقى المريض في غرفة الفحص مدة أطول من المدة الضرورية.