جدة ـ خالد بن مرضاح
في سفح جبل السفينة الكائن في الجهة الغربية من تبوك تتجلى ملامح الصحراء بكل تفاصيلها وتصدح الريح بسمفونيات ذات ارتام مختلفة ويعد جبل السفينة وجهة سياحية خلابة، بما فيها من جمال طبيعي وبعد جيولوجي لهذا الجبل الصخري الذي اكتسب تسميته من تفاصيل تكوينه التي تبدو للناظر كأنها هيئة سفينة راسية في صحراء رملية تتخللها هضاب وجبال من الحجر الرملي، فضلًا عن الشواهد المنقوشة عليه.
ويتربع جبل السفينة على صحراء حِسْمَى الحاضرة في سجل التاريخ، فقد كانت هذه الصحراء منذ الأزل محطة على طريق التجارة القديم من وإلى جزيرة العرب ومرت بها القوافل والركبان على امتداد الحضارات الإنسانية المتتالية، وهذا ما يفسر تنوع وكثرة النقوش الأثرية على صخور الجبل، في حين تردد ذكر حِسمى في الشعر الجاهلي والإسلامي.
ويصف المؤرخون «جبل السفينة» بالمدونة الزاخرة بالنقوش الثمودية التي تعود لأكثر من 2600 عام كذلك الكتابات العربية لفترة ما قبل الإسلام وبعده في زمن مبكر مرورًا بالعصور الإسلامية المتلاحقة، فلا يكاد يخلو جزء من الجبل إلا ونقش الثموديون والعرب القدماء دلائلهم عليه، كذلك جمل كتبها أصحابها بالخط الكوفي الأول دون تنقيط في القرن الأول للهجرة كنوع من التوثيق رحلاتهم وأحوالهم.
وكان في الموقع السابق في اكتشاف بعض النقوش العربية عرفت فيما بعد بـاللهجة الحسمائية وهي لهجة عربية شبيهة باللهجة النبطية وتعد أول كتابة عربية ترتبط فيها الحروف ببعضها كما الخط الكوفي، ويشبه الحرف الحسمائي الحرف الصفائي إلا أنه متميز عنه بموقعه وتاريخه.