يحمل الإنسان في داخله الكثير من الأفكار والقناعات بمختلف درجاتها، وتظل ساكنة حتى يُظهرها لنا بمجرد أن يُترجمها بأقواله وأفعاله، فكم من شخص كنا نعتقد أن له نظرة وسطية تجاه أمر ما، وبمجرد أن تحدث عنه اكتشفنا العكس تمام !
وكذلك على مستوى السلوك ؛ فعندما نجد سلوكا عدوانياً لدى الأطفال أو حتى الكبار، نستطيع القول بأن ذلك ما هو سوى ترجمة لفكرة تحولت إلى قناعة في يوم من الأيام ليظهر بعد ذلك هذا السلوك الذي نراه !، وذلك يعود بطبيعة الحال إلى النشأة والتكوين بمختلف المراحل العمرية والظروف المُتباينة التي شكلت الظاهر المُشاهد.
إذا نستطيع أن نقول إن لكل شيء جذورا، وإذا ما أردنا أن نتعامل مع – أي – شيء فمن الخطأ أن نتعامل معه بما يحدث الآن فقط ؛ وإنما علينا أن نفك الشفرة وندرس الحال بشيء من التأمل البسيط حتى نتمكن من اتخاذ القرار المناسب.
نعم لسنا متخصصين جميعاً بعلم نفس وقد نجهل كثيراً من الجوانب المُتعلقة بدراسة السلوكيات البشرية ودوافعها، ولكن متى ما شئنا أن نكون قادرين على التأثير والتغيير فيجب علينا أن نقوم بذلك بالشكل الصحيح، حتى لا نكون سبباً في تعقيد المشكلة وفي إدخال الطرف الآخر في مرحلة التعصب والتشنج التي لا فائدة منها أبداً.
إننا لن نستطيع أن نغير فكرة خاطئة عند – أي – شخص كان دون أن نعرف ما هي الفكرة أولاً، وما مدى عمقها وتأصلها، وعلى ماذا يستند صاحبها من أدلة جعلت منه يقتنع بهذا الأمر ؛ وهذا كله لا يكون إلا بالإنصات إليه بشكل جيد.
وتأتي بعد ذلك المواجهة التي تبنى على المعرفة واحترام الطرف الآخر وعدم التقليل من شأنه والنقاش حول الفكرة بكل هدوء ولنتذكر دائماً قول الله تعالى : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ{ فالهدف يظل هو نفع الآخر بتوجيهه وليس تحدياً بمن يفوز في النهاية المطاف.
البريد الإلكتروني :
szs.ksa73@gmail.com