رأيته حزينا مطأطئ الرأس .. سألته مابك؟ .. قال خرجت من المنزل بعد سوء تفاهم مع زوجتى .. ولم أكن أقصد أن أعكر صفوها .. وسألنى قائلا: ماذا افعل .. فاقترحت عليه أن يهديها باقة ورد يختار ورودها بعناية .. وسألني أهذا يكفى؟ .. فقلت له نعم .. وفعل.
عبر الزمن والتاريخ .. تلعب الورود دورا رئيسيا في حياتنا .. فهي تشاركنا الأفراح والأتراح .. والجمال والعشق والغرام والمشاعر والأحاسيس .. وتنعش نفوسنا بأشكالها وألوانها وروائحها التي تبث وتنثر باريجها الفرح والسعادة والامل في كل خلجاتنا.
لهذا كله تغنى بها الشعراء والفنانون والكتاب .. وقام برسمها التشكيليون .. وأبدع المصورون في التقاط صورها من كل جانب وفي جميع احوال وطقوس الطبيعة المحيطة بها.
وأتذكر أنني انجذبت لأغنية الفنان الراحل الجميل طلال مداح عندما غني .. وردك يازارع الورد .. لقد كان لهذه الاغنية ولحنها وكلماتها تجسيدا رائعا لأثر الورود علي النفوس .. كما كانت تذاع الأغنية كل صباح عبر الأثير .. وكأن الإذاعة كانت تهدينا باقة ورد في صباح كل يوم.
هذا وغنى العبقري محمد عبدالوهاب .. هليت ياربيع .. وغنت الأسطورة ام كلثوم .. الورد جميل الورد .. وشدت أسمهان باغنية .. يابدع الورد .. ولا بد ان نتذكر ليلي مراد وهي تغني بكل فرح ومرح .. مين يشتري الورد مني .. والقائمة تطول بمن غنوا وتغنوا بالورود.
ويعتبر تنسيق الورود واختيار أنواعها وألوانها أحد القدرات الفنية والابداعية .. بل اصبحت علما يصقل المهارات .. ولا تقل عن الرسم والتصوير والتشكيل فنا له رواده .. فهي مهارة فذة لا يقدر عليها الا مرهف الحس والذوق الراقي .. بل وازعم ان الورود والزهور يمكن اعتبارها اشياء ثمينة .. كالأحجار الكريمة .. في أشكالها وألوانها وعبقها.
ولكن ما هو مصير الورود في حياتنا مستقبلا ؟ .. وخصوصا عندما نشاهد أن هناك بدائل عديدة للورود منها الورود الصناعية وأشكال ومواد أخري تحل مكان الورود.
لذلك اقترح أن تتضمن مناهج التعليم والثقافة والإعلام بالشرح والتوضيح تأثير واهمية الورود في حياتنا .. وأن نفعل الذراع الاقتصادية لإنتاج الورود وصناعاتها من الروائح والعطور متعددة الاستعمال .. وان نعيد تصميم منازلنا التي نعيش فيها كي تتوفر فيها مساحات لزراعة مشاتل منزلية للورود يهتم بها جميع افراد العائلة.
وأخيرا فإن الخبر المفرح .. انه لم يفت على علماء وخبراء الفضاء ان يضعوا ضمن برامجهم وخططهم نقل الورود بل وزراعتها في الفضاء الخارجي على الكواكب الاخرى .. لذلك قاموا بارسال عينات للورود عبر محطة الفضاء العالمية بهدف اجراء التجارب ودراسة امكانيات زراعتها علي كوكبي القمر والمريخ.
الورود هي روح الطبيعة التي تمنح الانسان البهجة والجمال والسعادة ودهشة الحياة.
ممتاز استاذنا الفاضل ربي لايحرمنا من كتاباتك ومقالاتك الشيقه واسلوب حضرتك الراقي وفقك ربي واسعد اوقاتك