اجتماعية مقالات الكتاب

الصورة الكبيرة

يدور لغط شديد ، قديم جديد ، عن ضرورة نقل مقر الخطوط السعودية الى الرياض انسياقا وراء مبررات واسباب بعيدة عن الصورة الكبيرة التي رسمتها الدولة عن رؤية 2030 ، والتي يجب ، ان يخزنها ، كل مسؤول في ثنايا عقله ووعيه بناءً علي معطيات اجتماعية واقتصادية وتنموية تحقق في النهاية الرؤية السامقة عما يجب ان يكون عليه الوطن.

وهذا بالضبط ما حدث منذ عدة عقود ، من خلال رؤية ثاقبة ،فكانت شركة ارامكو مقرها المنطقة الشرقية والخطوط السعودية في المنطقة الغربية ، والعاصمة السياسية والاقتصادية و مقرها الرياض في المنطقة الوسطي .الخ ، وهكذا افرز هذا التوزيع الذكي لمخرجات البنية الاقتصادية لتطوير المناطق الرئيسية وما حولها ، على ان تكون مراكز اشعاع وتنوير وتطوير وتنمية اقتصادية واجتماعية لسكان هذه المناطق ، وهذا ما تحقق تماما على ارض الواقع .

ونحن على اعتاب العقد الثاني من القرن 21 ومن خلال رؤية المملكة 2030 نراها تخطو نحو التنمية الشاملة لاقتصاد الدولة من خلال الصورة الكبيرة 2030 وعماد أسسها هو تحويل المخرجات الى قيمة مضافة وذلك عن طريق خصخصة العديد من قطاعات ونشاطات الاجهزة والمؤسسات الحكومية وتحويلها الى قطاعات ربحية تساهم في بناء وتعظيم موارد الدخل القومي للملكة ، وأرى ان هذا الهدف لن يتحقق الا عن طريق مراكز الاشعاع والتنوير والانتاج المنتشرة في جميع مناطق ومدن المملكة وقراها ، وأحد أهم هذه المؤسسات هي الخطوط السعودية ، والتي هي قاب قوسين او ادنى من التخصيص الشامل والكلي.

ولا أريد في هذه العجالة أن أتحدث عن الآثار السلبية لهكذا قرار ، سواءً كانت اجتماعية او اقتصادية او تنموية. حيث أنني أعتقد جازما ووفق رؤيتي انها ليست محل نقاش اذا كنا نسعي لتحقيق اهداف وخطط الصورة الكبيرة لرؤية المملكة 2030 ويكفي ان اقول ، وبهذا التوجه نكون قد خطونا بعيدا عن احلامنا وارادتنا.

القرن الواحد والعشرون يواجه تحديات التنمية الاقتصادية الشاملة للدول من خلال ثلاثة محاور مهمة الاول هو التنوع الجغرافي لخارطة الانتاج، والثاني توزيع مجالات للاستثمار ومخرجات الاقتصاد ، والمحور الثالث هو متطلبات التنمية البشرية وتحويلها الي قيمة مضافة ، والمملكة العربية السعودية أحوج ماتكون للتعامل مع هذه المحاور لتحقيق اهداف الصورة الكبيرة لرؤية 2030.

لذلك ارى انه يجب البناء علي ما هو موجود من صروح اقتصادية في مناطق المملكة ومدنها وقراها حتى تتمكن هذه المدن من تفعيل وتشغيل مفاصل الاقتصاد والتنمية البشرية لسكانها وفق ثرواتها ومصادرها الطبيعية وبعيدا عن المركزية التقليدية التي كانت تسود قطاع الاعمال والاقتصاد والادارة في الحقب الماضية ، حيث ان التكنولوجيا ووسائط الاتصالات والمواصلات وانتشار سحب المعلومات اصبحت العنصر الفاعل في ادارة عجلة الاقتصاد العالمي.

الا أنني أزعم ان مفاهيم ومفردات العصور السابقة ولت الى غير رجعة ، وحلت مكانها مفاهيم حل المشكلات بذكاء ، والايقاع السريع والمعلومة الدقيقة ورؤية الامور والاشياء من خلال العلم ، والمعرفة، والابداع والابتكار، وان نبحث عن الكيفية التي نكمل بها رسم الصورة الكبيرة وفق رؤية 2030.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *