حوار

كورونا أخرجت الفريق الصحي للشارع

جدة ـ صبحي الحداد

أكد الدكتور زهير احمد السباعي استشاري وعضو المجلس العربي لطب الأسرة والمجتمع أن الرعاية الصحية الأولية أثبتت انها حجر الاساس في حماية الإنسان ووقايته من الامراض ،فالوقاية أفضل من انتظار الإصابة بالمرض ومن ثم علاجه ، فهي اقل تكلفة وأكثر نجاعة في حماية البشرية ، وقد ثبت ذلك في كثير من الامثلة ، وما جائحة كورونا الحالية الا مثال جيد للوقاية والرعاية الصحية، لافتا إلى ان جائحة كورونا اخرجت الفريق الصحي للشارع وهذا هو المطلوب. وأضاف الدكتور السباعي في حواره مع ( البلاد ) أن الرعاية الصحية الأولية تعد خط الدفاع الأول لمكافحة الأمراض واحتواء اي جائحة مهما كان حجمها، مؤكدا في الوقت نفسه أن الرعاية الصحية لا تعتمد على المباني الفخمة أو الأسّرة أو الأجهزة أو المعدات بقدر ما تعتمد على تهيئة العاملين فيها من اطباء وممارسين صحيين لأداء دورهم كما يجب.


وأضاف بقوله : تقدم الرعاية الصحية من خلال المركز الصحي. وإذا ما أحسن إعداد الفريق الصحي فيه، وأحسنت إدارته، وهيئت له الوسيلة للخروج بخدماته إلى خارج جدرانه، فسيصبح قادراً على تغطية 85 % من جميع الاحتياجات الصحية (العلاجية والوقائية) للمجتمع. وعن النشاطات التي يمكن للمركز الصحي أن يقدمها للمجتمع قال تشتمل إلى جانب علاج المرضى على التثقيف الصحي، وإصحاح البيئة، وبرامج التغذية، والاكتشاف المبكر للأمراض، ورعاية الأمومة والطفولة، والوقاية من الأمراض المعدية والمزمنة.

وكلها نشاطات لا يمكن أن تُؤدّى إلا بخروج أعضاء الفريق الصحي إلى المجتمع. وليس ذلك فحسب وإنما أيضا بمشاركة أفراد متطوعين من المجتمع في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم لهذه النشاطات.
وأضاف بقوله إنه لا توجد دولة عربية واحدة تهيئ الطبيب وفريقه الصحي لأداء هذه الأدوار. وإنها والحق يقال فرصة ذهبية لبلادي العظيمة المملكة العربية السعودية أن تبدأ المسيرة مسترشدة برؤية 2030. ولتصبح بذلك رائدة على مستوى العالم العربي. في مجالات الرعاية الصحية الأولية لان المملكة تمتلك الكوادر المؤهلة والامكانيات لإطلاق منظومة الرعاية الصحية الاولية كما ينبغي.

تدريب الكوادر
• وعن المعوقات التي تواجه مجتمعاتنا العربية لتحقيق مفهوم الرعاية الصحية الأولية بشكلها الصحيح قال:
•• في بلادنا العربية كثيراً ما نعنى بالشكل قبل المضمون، أي بمبنى المركز الصحي.. بطوله وعرضه وواجهته، وبما يحويه من أجهزة ومعدات قد تكلف الملايين. في حين أن هذه الملايين أو أكثرها لو صرف على تأهيل وتدريب العاملين الصحيين، وحسن إدارتهم، وتشجيعهم على الخروج إلى المجتمع، والتعامل مع المشاكل الصحية من مصبها ومنشئها بدلاً من انتظار المرضى بعد أن يكونوا قد أصيبوا به ، لكان ذلك أولى وأجدى. واستطرد أن التعليم الطبي في كليات الطب، والمعاهد الصحية، وبرامج الدراسات العليا بالرغم مما يصرف عليها من أموال وجهود تستدعي منا الشكر والتقدير، إلا أنها تفتقد -إلى حد بعيد- إلى ربطها بطبيعة المشاكل الصحية في المجتمع كما أن المعايير التي نتخذها في عالمنا العربي لتقييم الخدمات الصحية تعتمد أساساً على ما حققناه من عدد المستشفيات، والمراكز الصحية، والأسّرة، والأطباء. هذه المعايير وحدها لا تكفي وإنما يجب أن يرافقها بل يتقدمها الإحصاء الحيوي الذي يحدثنا عن الانخفاض الذي حققناه في معدلات الأمراض والوفيات. هذا الإحصاء الحيوي غير متوافر بدقة كافية في مجتمعاتنا العربية ،كما أن النتيجة الحتمية هي أن مراكز الرعاية الصحية الأولية تركز على علاج المرضى. وإذا ما كان هناك بضعة من النشاطات الوقائية أو التطويرية فهي محدودة وغير كافية.

• وحول كيفية الارتقاء بالمستوى المطلوب للرعاية الصحية الأولية قال :
•• نجحت كثير من الدول في مشاريع الرعاية الصحية الأولية بالاكتفاء ببناء بسيط (ربما قدمه السكان تبرعاً منهم كلون من ألوان مشاركة المجتمع) ليصبح مركزاً تنطلق منه الرعاية الصحية الأولية بكل أبعادها. والأمثلة على ذلك كثيرة لمستها في زياراتي لمشاريع الرعاية الصحية الأولية في دول مثل الصين، وبورتريكو، والبرازيل، وفنلندا، والسويد، ومن ثم تصرف الأموال من أجل تطوير نشاطات الرعاية الصحية الشاملة.. العلاجية والوقائية.


• وعن كيفية تفعيل دور أفراد المجتمع للمشاركة تطوعاً في التخطيط والتنفيذ والتقييم لمشاريع الرعاية الصحية الأولية قال :
•• هنا أدعو إلى الرجوع إلى وثيقة منظمة الصحة العالمية ،بعنوان «المستشفيات من أجل مراكز الرعاية الصحية الأولية «. كما أدعو إلى الأخذ بالتوجه العالمي لجعل المستشفيات معززة للصحة.
• وحول إمكانية اعادة النظر في مناهج كليات الطب والمعاهد الصحية والدراسات العليا لكي تخرج لنا أفراد الفريق الصحي الذين يعنون بالوقاية عنايتهم بالعلاج قال:
في البداية لا بد أن نقنع المسؤولين عن الدراسات الطبية العليا -الذين لا ننكر جهودهم المتواصلة- بأن فصل برنامج الدراسات العليا لطب الأسرة عن برنامج الدراسات العليا لطب المجتمع أمر لا مبرر له. والأولى أن نحافظ على مفهوم «طب الأسرة والمجتمع» معا كيما تلتحم الوقاية مع العلاج في التصدي للمشاكل الصحية.

وأبان الدكتور السباعي أنه حالة قيام القطاع الأهلي بإدارة الرعاية الصحية الأولية. فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو كيف يمكننا تحقيق التوازن بين الربح الذي ينشده القطاع الأهلي، وخروج الرعاية الصحية الأولية إلى المجتمع لرفع مستوى الصحة، وهو أمر لا ربح فيه إذا ما قورن ببقاء العاملين الصحيين داخل عياداتهم يعالجون المرضى. وفي مثل هكذا حالات لابد من التوازن بينهما. وهنا لا يسعني في نهاية المطاف إلا أن أثني على اهتمام وزارة الصحة بقيادة الوزير الدكتور توفيق الربيعة بالرعاية الصحية الأولية. إِذ جعلتها من بين أولياتها، وهو نفس الاتجاه الذي اتخذته رؤية 2030. وإذا ما كانت هناك اختلافات في وجهات النظر حول وسائل الإعداد والتطبيق فيمكن حلها عن طريق الجلوس إلى مائدة مستديرة يدعى إليها ممثلون عن التعليم الطبي، والخدمات الصحية، والقطاع الأهلي، ليجيبوا عن السؤال: ما الذي يمكننا أن نفعله معاً لكي نرتفع بالرعاية الصحية الأولية إلى مستوى المعايير الدولية؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *