متابعات

 كوفيد يهندس تصاميم المستشفيات

البلاد – مها العواودة

حينما غزت جائحة كورونا العالم بدأت السلطات الصحية في مختلف البلدان استخدام الفنادق والخيام فبي ساحات المستشفيات كمناطق لعزل وعلاج المرضى خصوصا وأن 99 % من المشافي في العالم تفتقد إلى عنصر المرونة والمساحات لعلاج الحالات الحرجة وطوارئ الأوبئة وهنا تنطلق أسئلة باحثة عن إجابة ( شافية ) فيما إذا كانت كورونا سوف تؤدي إلى تغيير تصاميم المشافي في المستقبل تحسبا كما هو الحال لما يحدث في العالم اجمع.

( البلاد ) حملت روشتة الأسئلة والتقت بعدد من الأطباء والمهندسين والذين أكدوا أن جائحة كورونا سوف ترتب الكثير من السينارويوهات في الكثير من القطاعات الحيوية حول العالم ومنها المستشفيات حيث أن تصاميمها ستكون مختلفة من أجل احتواء الجوائح وتكون على اهبة الاستعداد لاستقبال الحالات الطارئة في زمان الأوبئة لا قدر الله.


في البداية أكد مدير المركز الصحي بالحرم المكي الشريف الدكتور نايف ناصر الحازمي لـ “البلاد” أن استخدام الفنادق كمبانٍ طبية وبناء المستشفيات المؤقتة ووضع الخيام أمام المستشفيات المكتظة بالمصابين في عدة دول كملاجئ لمرضى فيروس كورونا وضع غير مسبوق، جاء لتغطية العجز في المستشفيات التي عانت نقصا في المساحة لاستيعاب المزيد من المرضى، وذلك أمام زيادة أعداد المرضى المصابين بالفيروس وتفشي الوباء.


وتابع بقوله إن فنادق كثيرة في عدة دول عربية وأوروبية تم توظيفها لمحاربة الوباء، وسخرت ملكيتها لخدمة القطاع الطبي، في الوقت الذي كشفت فيه جائحة كورونا هشاشة الوضع الصحي في عدة دول أهملت علاج مواطنيها، وتعمدت عدم تقديم العلاج للمرضى من هم فوق سن الستين، لعدم وجود أسرة وأجهزة طبية ومعدات كافية في المستشفيات لاستقبالهم وعلاجهم، والاكتفاء بمعالجة من هم أقل من ذلك سنا، في حين سخرت المملكة العربية السعودية والحكومة الرشيدة كل جهودها لحماية المواطنين والمقيمين وحتى مخالفي الإقامة وتقديم العلاج المجاني لهم والرعاية الصحية الكاملة، ما جعلها في هذه الأزمة نموذجا إنسانيا فريدا يحتذى به عالميا.

خطط إستراتيجية
في حين ترى مدير المركز الاستشاري لطب الأسنان الدكتورة نجوى جوهرجي أن التغيير لن يكون في المساحات والمباني فحسب بل سيطال تجهيز ووضع الخطط الاستراتيجية لمواجهة الجوائح كما للحوادث والكوارث، مع وضع خطة للتجهيزات والمواد والمعامل والمختبرات وأخرى للتخزين استعدادا للأوبئة والجوائح مع وضع خطط لتأمينها داخليا وذلك بدعم الصناعات الداخلية وذلك لتفادي تكرار الأزمة الحالية الحرجة التي دفعت بعض الدول لاستخدام الجامعات والمنتزهات وغيرها كمستشفيات مؤقتة لعلاج المصابين بالفيروس.


تغيير كامل
من جانبه أكد رئيس شعبة ممارسة المهنة بالجمعية السعودية لعلوم العمران طلال سمرقندي أن “كوفيد 19” سيغير تصاميم المنشآت الخاصة بالصحة المستشفيات، المستوصفات، العيادات، غرف العمليات، غرف الطوارئ، غرف المرضي، مباني الحجر الصحي، والأجهزة والمعدات وأساليب العلاج والحماية إلخ. مشيراً أن السعودية لديها القدرة اللازمة لمثل هذه التغيرات والتي تتمثل في وجود قيادة حكيمة رحيمة تخدم المواطنين والمقيمين على حد سواء، بالإضافة إلى الرؤية المستقبلية التي تبنتها الدولة قبل أربع سنوات والتي يتم تنفيذها بسرعة تسابق الريح، فالتغيرات في جميع القطاعات الحكومية والخاصة بشكل شبه يومي، يضاف إلى ذلك وجود الاستقرار والأمان المالي للتغير، ووجود الرغبة والقدرة العلمية في جميع المجالات. متوقعا وضع مواصفات تضمن رفع مستوى البيئة الصحية فيها ويقل انتشار الأمراض والعدوي من خلال تطبيق التقنيات الحديثة ومنها تقنية النانو التي يمكن فيها تطوير جزيئات المواد بحيث تكون الفراغات فيها أصغر من حجم الفيروسات والبكتيريا وبالتالي لا تستطيع أن تسكن فيها، على أن يتم تطبيقها على مواد تشطيب الجدران والأجهزة والمعدات وغيرها، بالإضافة إلى استخدام التقنيات الحديثة في التكييف واستخدام الأشعة الفوق بنفسجية لقتل البكتيريا والميكروبات داخل المنشآت الصحية.

وأضاف” من المتوقع أن يكون هناك تطوير في منهجية استخدام الأماكن والمنشآت بحيث يتم الاستفادة منها في مختلف الأوقات والمناسبات، مثل المدارس والتي يكون معظمها مقفلاً بعد انتهاء الدوام الدراسي الصباحي، والملاعب الرياضية، وغيرها من المنشآت التي تستخدم لفترات محدودة على أن يتم إعادة استخدامها لأغراض أخرى عند الحاجة لذلك”. وتابع أن التغييرات المستقبلية ستبنى على الملاحظات التي تسجل خلال هذه الجائحة، وعلى عقد ورش العمل المختلفة مع مختلف المختصين لدراسة كيفية تطوير كل المباني والمنشآت وليس الصحية فقط.

مساحة البناء
وافقه الرأي الخبير والمهندس المعماري هشام ناجي الذي قال إن تصميم مباني المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية في العالم ما بعد أزمة كورونا سيكون مختلفا عما كان قبلها، وذلك للتغلب على الأزمات المستقبلية، حيث سيراعى زيادة في مساحة البناء الجديد، وإضافة ملاحق للمستشفيات القديمة لاستيعاب أعداد كبيرة من المرضى، وكذلك تصميم أماكن عزل لكل مريض بسرير طبي مدعم بجهاز تنفس وبقية متطلبات السرير على أن تكون محطات التمريض في وسطها لكي تستطيع الوصول إلى جميع الأسرة بسهولة وسرعة. مشيراً أن المستشفيات تعد من أكثر المباني المعقدة من ناحية التصاميم، ويرى أن تصميم المستشفيات ما بعد أزمة كورونا تحتاج إلى المزيد من الدراسة والتنسيق مع الكادر الطبي والجيوش البيضاء التي وقفت في خط الدفاع الأول لمواجهة الوباء للتعرف على متطلباتهم ومتطلبات المرضى خلال فترة علاجهم، تمهيدا لوضع الحلول بالشكل الصحيح، وتجاوز عيوب التصميم القديم الذي وقف عاجزا عن استقبال الأعداد الكبيرة من المرضى، مع الأخذ بعين الاعتبار دراسة كيفية التعقيم والعزل والتعامل مع المريض المصاب والأجهزة والمعدات الداعمة لذلك لتجنب إصابة الكادر الطبي، ولتكون أكثر أمانا.


استيعاب المرضى
من جانبها قالت عضو الهيئة السعودية للمهندسين سماح بخش إن جائحة كوفيد ١٩ ستدفع المعماريين ومستشاري الرعاية الصحية إلى تصميم مستشفيات أكثر عصرية يمكنها تفادي تكرار الأزمة الحالية، لا سيما بعد أن تبين لهم فقدان المرونة لدى المستشفيات الحديثة لاستيعاب المرضى، وافتقارها على وجه التحديد، للمساحات والموارد لعلاج مرضى بحالات معديه حرجة، بالتزامن مع معالجة من هم بأعراض أخف أو من دون أعراض قد يصابون بالعدوى.

وأضافت المهندسة بخش”لابد أن يراعى في تصميم المستشفيات المستقبلية قابلية التوسع و التصغير ” تخطيط السعة” بحيث تتمتع بمزيد من المرونة والاستعداد لمكافحة الأوبئة وغيرها من الأحداث الخطرة التي تؤدي لزيادة مؤقتة في أعداد المرضى تتناسب مع نسبة الزيادة في عدد سكان المدن في المدى القريب والبعيد حسب نسبة زياده عدد السكان السنوية، على أن تغطي كافة احتياجات الرعاية الصحية، وكذلك تصميم مستشفى وفق تصميمات ذكية متنقلة، تتناسب وطبيعة الغرض من إنشائه، وبما يسمح بتحريك وحداته والتنقل بها في مختلف المناطق، حسب الاحتياج إليها”. مشيرة إلى ضرورة مراعاة تخصيص منطقة سكن للممارسين الصحيين معزولة عن باقي مرافق المستشفى، وإيجاد مناطق يتم تعديلها لتستخدم لعزل المرضى مفصولة تماما، وكذلك عزل المداخل لاستقبال المصابين عن باقي أنشطة المستشفى بمصاعد خاصة، مع تصميم منطقة للفرز البصري يخضع كل من يمر بها سواء كان موظفاً أو عاملاً في المستشفى أو مراجعاً، مع ضرورة ادراج تصاميم جديدة يمكنها أن تساعد المرضى في البقاء موصولين بالأصدقاء والعائلات، عبر دمج التكنولوجة في غرف المرضى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *