اقترب شهر الرحمة والمغفرة، ومع روائح شهر رمضان المبارك ستملأ الأرض من جديد نسائم الرحمن، التى تطمئن القلوب، وتلئم الجروح، وتنزل السكينة والطمأنينة فى النفس، لقد وعدنا رب العالمين عز وجل جلاله فى عدة رسائل ربانية منها اليسر بعد العسر فى قوله تعالى ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا )، والفرج بعد الضيق فى قوله تعالى ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )،
مع قرب رمضان ستعود المساجد من جديد عامرة بالمصلين الذاكرين لله فى كل وقت وحين، ستعود طقوس الشهر الفضيل من تواصل وتراحم، سيعود شكل الحياة كما كان فى السابق، لكنه عائد بشمس يوم جديد يحمل قناعات أكثر نضجاً، أكثر تعلقاً بالآخرة لا الدنيا، أكثر قرباً من الله وتضرعاً، أكثر أدباً وتقبلاً أمام مصائب وفواجع الأقدار، أكثر رجوعاً للحق، فبالرغم من كل ما شهده العالم من تطور،
إلا أن الإنسان لم يخلق من أدوات الرفاهية ما يجعله يتغلب على ضنك تلك الأيام، ولم يجد العلماء الى الآن إكتشافاً للتغلب على حضارة الخوف والقلق التى يعيشها سكان الأرض، فلا يطيب القلب ولا تهدأ النفس إلا بالإيمان وطيب اللسان، وطيب الحياة الذى لا يأتى سوى بالرضا على كل الأقدار فإن الأمر أمره والخلق خلقه، ولا قضاء ولا بلاء إلا بإذنه، ولا قوة لنا إلا به الله عز وجل،
سيخفف الله الشدة ويشرح قلوبنا بزوال هذا الداء الذى كلما إشتد كلما تمسكنا أكثر بالدعاء والتضرع لله، سنبكى قريباً فرحاً بسماع دعوات المصلين وصوت القرآن الكريم ورؤية تجمع ملايين المصلين حول الكعبة المشرفة لأداء صلاة التراويح، سننضم قريباً إلى صفوف المصلين الخاشعين الذين يبكون من خشية الله، فكلما إشتد الكرب أدركنا أن الفرج أصبح قريب،
إننى على يقين بأن الله سيمدنا بقوة وصبر نتجاوز به الأيام الثقال، ونتغلب على مخاوفنا ونصبر على ما لا نطيق، فكيف نخاف وكلنا فى ودائع الله، أرواحنا مطمئنة بأن أمرها بين يدى الحكم العدل، سنسعد قريباً بسماع نبأ تعافى أخر حالة فى العالم من تلك الجائحة، فالحزن غيمة مهما طالت ستمضى يوماً ما إلى طريقها وتعود الشمس لتنير العالم من جديد.
Nevenabbas@gmail.com