اجتماعية مقالات الكتاب

د. التركستاني .. ومرض الدرن

أتابع مقالات سعادة الدكتور إسماعيل محمد التركستاني استشاري العدوى والمناعة بمستشفى مدينة الحجاج بالمدينة المنورة، التي تنشر تباعاً على صفحات هذه الجريدة الغراء، والتي يسلّط الضوء فيها – كاستشاري طب متخصص – على بعض الأمراض وكيفية مواجهتها «وقاية وعلاجاً».

وقد ذكرني موضوع مقالته المنشورة بعدد يوم الخميس 26-6-1441هـ من هذه الجريدة بعنوان (النقاط على الحروف) والذي عقب فيه على خطبة صلاة الجمعة 21-6-1441هـ لفضيلة خطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي والتي كانت عن الأمراض التي تصيب الإنسان، ووجوب مواجهتها بالصبر والاحتساب والعلاج، باعتبارها من سنن الحياة التي يصيب بها المولى جل وعلا من يشاء من عباده .. الخ.

ذكرني موضوع مقالته آنفة الذكر، إلى مرض يعد من الأمراض الهامة والخطيرة على مستوى دول العالم – قديماً وحديثاً – ألا وهو مرض «الدرن» «السل» ذلك المرض الخطير والمعدي، ومع ذلك لم يجد من الهالة الإعلامية والحيطة والاهتمام والحذر، ما أخذته بعض الأمراض الأخرى، رغم أنها أقل منه خطورة وفتكاً!

والحق أن بلادنا والحمد لله، منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – قد اهتمت بهذا المرض ومدى خطورته، فأنشأت له مقراً منفرداً ومعزولاً بالطائف باسم مستشفى الأمراض الصدرية، ثم غيَّر مسماه أخيراً إلى «مصح السداد» نسبة للحي الذي بني مقره الأخير فيه، وأوجدت له الأطباء الأكفاء والخدمات المساندة، بإشراف ومتابعة وزارة الصحة، وقد أثمر وجوده، وتصديه لعلاج هذا المرض الخطير، وظل يستقبل بعض مرضى الدول العربية الشقيقة المجاورة، لذيوع سمعته (تخصصاً.. وعلاجاً).

وقد أنشأت بلادنا – أعزها الله وأدام أمنها واستقرارها – مستشفى آخر لا يقل أهمية بالنسبة لتخصصه عن مستشفى الأمراض الصدرية بالطائف ألا وهو مستشفى «الجذام» ليقوم هو الآخر على علاج المصابين بهذا المرض في مكان منفرد وعزله عن المدينة بمنطقة (حَدَّة) ما بين مكة – وجده – الخط القديم ولا يزال على حد علمي يؤدي دوره في علاج وخدمة المصابين بهذا المرض حتى الآن.

ومع النهضة التي عاشتها وتعيشها بلادنا في شتى مجالات الحياة، وتعدد المستشفيات والمراكز والمستوصفات الصحية وشمولها لكافة التخصصات على مستوى المملكة، فقد رأى المختصون في وزارة الصحة إلغاء مستشفى الأمراض الصدرية – مصح السداد بالطائف – وتحويل المصابين بهذا المرض إلى المستشفيات الأخرى، باعتبارها تحوي الأقسام المتخصصة في علاج الأمراض الصدرية من (درن وغيره) وقد قوبل هذا القرار بمعارضة شديدة من المواطنين وأصحاب الرأي بحجة أن هذا المستشفى واكب فترة التأسيس والنهضة وله تاريخه العريق وخدمته الطويلة المشرّفة، ولا يزال يجمع بين جنباته العديد من المواطنين ممن يعانون من ويلات هذا المرض الخطير والمعدي، ويعمل على علاجهم والعناية بهم، ويستقبل بين الحين والآخر، العديد من المُحالين المصابين بهذا المرض لتلقي العلاج.

وأذكر أنه قبل عدة سنوات قد شُكّلت لجنة من الجهات المعنية في وزارة الصحة، بناء على شكوى رفعها سكان حي السداد يطلبون فيها نقل هذا المستشفى من حيّهم لمكان آخر لأسباب صحية وبيئية، وقد علمت بعدها تأييد اللجنة لطلبهم لاتساع أعمال المستشفى وكثرة المراجعين له، ووجوده في وسط الحي، المكتظ بالسكان والأسواق الدولية وأوصت اللجنة بالبحث عن أرض واسعة مناسبة المكان والجو جنوب الطائف من جهة منطقة (الشفا) وإقامة المستشفى الملائم لهذا المستشفى ونزلائه.
ويبدو أن المعارضات لم تلق من الجهات المعنية آذاناً صاغية، وأن لديها قناعة تامة من أن أقسام الصدرية الموجودة بالمستشفيات العامة حالياً تؤدي المهمة بصرف النظر عن الجزء الأهم من دور هذا المستشفى وهو محاربة (العدوى) وحسر انتشارها بين المواطنين. وتبعاً لهذا القرار فقد توقف حلم الأهالي في استمرار أداء هذا المستشفى في مقر جديد له يتفق مع تخصصه وعراقته وخدمته الطويلة المشرّفة لأكثر من مائة عام؟

خاتمة: إن أمراض الدرن – السل – من الأمراض المعدية والخطيرة، على مستوى العالم وقد أوصى المختصون عالمياً – في مجالها – بأن تكون في أمكنة خاصة ومعزولة عن سكان المدن فهل لوزارة الصحة من إعادة نظر في وضع هذا المستشفى، و استمرار دوره في خدمة المواطنين وإيجاد المقر المناسب له حفاظاً على سمعته وعراقته تأريخاً وحضارة.
وبلادنا ولله الحمد حريصة على توفير ما فيه خدمة المواطنين وتحقيق متطلبات البيئة (صحياً.. واجتماعياً.. وسلامة).. وبالله التوفيق.

Ali.kodran7007@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *