الدولية

مخططات تركية لتدمير الدول العربية

البلاد – رضا سلامة

يبدو أن العدوان التركي على سوريا وليبيا ومحاولة زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، عبر رعاية تنظيمات متطرفة وإرهابية مثل “الإخوان” و”داعش” ليست إلا قمة جبل الجليد، في إطار مساع تركية أردوغانية للهيمنة على الوطن العربي، كمشروع بديل لحلم الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بعد محاولاتٍ فاشلة بدأتها أنقرة منذ عام 1987.

واعتبرت وزارة الخارجية الروسية أخيراً أن تركيا هي المسؤولة عن تصعيد الأوضاع الحالية في إدلب، إذ قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زهاروفا إن سبب تدهور الوضع في إدلب هو فشل أنقرة في الوفاء بالتزاماتها بشكل متكرر.

يأتي ذلك بعدما وجه الكرملين اتهامات إلى تركيا بعدم التقيد بالاتفاقات التي أبرمتها مع موسكو “لتحييد” المسلحيين في محافظة إدلب شمال سوريا.

وتنبى خطط أردوغان وأطماعه في سوريا، على نفسٍ استعماري قديم، بدأ منذ الاستيلاء التركي على لواء الإسكندرون عام 1939، ولم ينته بالخلافات المائية، حيث تسيطر أنقرة على منابع دجلة والفرات، وقامت عام 1998 بحرمان سوريا من 90% من مصادرها المائية من النهرين، وهو ما لم يتغير في عهد أردوغان.

وتؤكد التدخلات التركية بجلاء سعي أنقرة لتدمير ليبيا، وهذا ما أكده المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، مبيناً أن تركيا مستمرة في إرسال المرتزقة والسلاح إلى ليبيبا، حتى بعد تبني قرار مجلس الأمن الدولي قرارًا بوقف إطلاق النار في ليبيا دعمًا لمخرجات مؤتمر برلين.

وأشار في الوقت ذاته إلى أن الجيش لن يسمح للأمم المتحدة باستخدام مطار معيتيقة، لأنه لا يمكن لقواته ضمان سلامة الرحلات إلى المطار، نظرًا لأن تركيا تستخدمه كقاعدة عسكرية، فضلاً عن المعلومات التي كشفها أمس الأول بأن تركيا أعدت قائمة بـ 229 إرهابيًا في سوريا لنقلهم إلى ليبيا لزعزعة استقرارها.

وفي العراق، تحتل تركيا جزءًا من شمال البلاد بـ27 قاعدة عسكرية، تحت دعاوى ملاحقة حزب العمال الكردستاني، وهي التبريرات التي ثبت زيفها مع الوقت، حيث سبق وزعم أردوغان في أكتوبر 2016 أن محافظتي الموصل وكركوك العراقيتين تابعتان لتركيا، وعاد في مارس 2018 وقال إن أمن تركيا يتطلب السيطرة على مساحات من العراق.

وفي قطر، وضعت أنقرة نفسها في قلب الأزمة الخليجية منذ بدئها منتصف 2017، ووقفت مباشرة إلى جانب نظام الدوحة حليفها الاستراتيجي في نشر الإرهاب ودعم جماعاته في المنطقة، ويعد وجود قاعدة عسكرية تركية تضم آلافا من الجنود في قطر اليوم، احتلالا تركيا تحت شعارات التحالف بين النظامين الحاكمين في البلدين.

أما في مصر، لا يزال أردوغان بالتنسيق مع تميم بن حمد يشتركان في إيواء محطاتٍ إعلامية وعناصر ينضوون تحت جناح جماعة الإخوان الإرهابية ويعملون على ضرب أمن واستقرار مصر.

وامتد تخريب تركيا ليصل إلى الصومال، إذ افتتحت أنقرة أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج بالعاصمة الصومالية مقديشو في عام 2017، تحاول من خلالها التحكم بسواحل الصومال، وأن تقدم القاعدة تسهيلات عسكرية لأية قوات تركية قد تصل المنطقة مستقبلًا، مع تصاعد وتيرة الصراع بين قوى دولية وإقليمية في الإقليم.

ونشرت صحيفتا “نيويورك تايمز” و”ذا إنترسيبت” أواخر ديسمبر الماضي وثائق مسربة من المخابرات الإيرانية، كشفت شراكة خفية بين الثوري الإيراني وجماعة الإخوان برعاية وتنسيق تركي لزعزعة اليمن، والتعاون ضد التحالف العربي بقيادة المملكة، ودعم الميليشيات الحوثية الانقلابية، ذراع إيران في اليمن، بينما سعت تركيا إلى إنشاء قاعدة عسكرية في السودان على البحر الأحمر، وتحديداً في جزيرة سواكن، إلا أن سقوط نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير خيب مساعي أردوغان وكشف أطماعه.

وسبق أن حاول أردوغان التقرب من تونس والجزائر والمغرب، لحساب دعم مخططاته تجاه ليبيا، لكن الدول الثلاث عبرت عن مواقف رافضة للتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي.

ويهدف الدور التركي في العالم العربي المدعوم قطريًا وإيرانيًا، والذي يستخدم أدوات إرهابية كالإخوان وداعش، إلى الهيمنة السياسية والعسكرية والاقتصادية على المنطقة، في ظل أوهام سلطانية بائدة للتعويض عن فشل حلم الحاق بالقطار الأوروبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *