سياسة مقالات الكتاب

تساؤلات مشروعة على مشارف إدلب

تطرح العمليات العسكرية في شمال غرب سوريا أكثر من تساؤلٍ جديٍ ليس حول مصير مستقبل الجناح العسكري للمعارضة السورية أو مستقبل محافظة إدلب آخر المعاقل بل حول مصير النفوذ التركي في شمال غرب سوريا ودورها في مستقبل التسويّة السياسية. محافظة إدلب التي انتقلت إليها الفصائل المعارضة، بموجب اتفاقات وهِدن برعاية روسية، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام شاركت بها الميليشيات الإيرانية وسلاح الجو الروسي في مدن حمص وحماه وحلب والغوطة وسواها من المواقع والجبهات والتي شكّلت معقل الثورة وخزانها البشري منذ سيطرة الفصائل عليها عام 2012.

تساقُط البلدات والمدن السورية الخاضِعة لسيطرة الفصائل المدعومة من تركيا بيد الجيش السوري، وخاصةً مدينة معرّة النعمان في ريف إدلب الجنوبي (نحو 40 كلم جنوب مدينة إدلب)، رغم اتّفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه تركيا وروسيا ودخل حيّز التنفيذ يوم 12 يناير، لم يجدِ معه اتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا بعدم احترام الاتفاقات المبرمة مع بلاده وتوعّده بالرد. سقوط معرّة النعمان ودخول القوات السورية مدينة سراقب بالرغم من إرسال أكثر من رتلٍ عسكريٍّ ومئات من العربات المُدرّعة إليها وضع الرئيس أرودغان في موقف حرجٍ، لا يبرّره ما وصفته دمشق وموسكو بانتهاك “المجموعات الإرهابية” للهدنة.

الفشل في وقف التقدّم وتهديد مدينة إدلب يعني انهِيار معظم تفاهمات أردوغان مع حلفائه الروس، بل هو إعلانٍ روسيٍ لانتهاء مرحلة الشراكة الندّية مع تركيا ظاهره تلكّؤ الرئيس التركي في تنفيذ التِزاماته بإخراج القوّات التابعة لجماعات وفصائل إرهابية من مدينة إدلب، والتي جرى الاتّفاق عليها في سوتشي عام 2018 ، وباطنه ابتداء مرحلة جديّة لترسيم النفوذ في شمال غرب سوريا.

سقوط سراقب هو استكمال لسيطرة النظام على طريق دمشق- حلب، التي تعتبر إحدى أوراق القوة التركية. وهذا يعني فقدان محافظة إدلب لقيمتها كعمق عملياتي وتحوّلها الى بقعة اشتباكات ونزوح، وجعلها تواجه السيناريو عينه الذي واجهته مدينة حلب قلعة المعارضة السورية بعد سقوط “طريق الكاستيللو”، والتي دفعت ضريبة ترميم العلاقة الروسية – التركية.

كما أنّ السيطرة على بلدة “النيرب” التي تقع شمال طريق حلب اللاذقية يعني أنّ هذا الطريق أصبح بحكم المُسيّطر عليه من قِبل النظام كما يعني تطويق مدينة سراقب من الجهة الغربية، كذلك فإنّ السيطرة على قرية “قميناس” الواقعة على مسافة 6 كلم عن مدينة إدلب يعني أنّ روسيا عازمة على المضي في دعم النظام لتطويق المدينة والشروع بإدخال معطيات جديدة قد تشكّل أساساً جديداً للعملية السياسية المرتقبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *