المحليات

 الصقيع والأمطار تهدد ورد الطائف

 جدة عبدالهادي المالكي

هاجس أصحاب مزارع الورد في الطائف هذه الأيام هو التداعيات المرتبطة بزراعة الورد خصوصا في ظل تقلبات الطقس هذه الأيام، مؤكدين أن الإنتاج في هذا العام ربما يشابه إنتاج العام الماضي الذي كان منخفضا مشيرين إلى موجة الصقيع التي ضربت المحافظة خلال الأيام الماضية فضلا عن كمية منسوب مياه الامطار التي شهدتها المحافظة طيلة أيام الشتاء وتساقط الثلوج في المرتفعات.

وأضافوا أن مواعيد زراعة شتلات الورد تبدأ في فصل الربيع وتستمر عملية الري من بعد التشذيب في فصل الربيع إلى نهاية فصل الصيف فيما يبدأ موسم قطف الورد مع بداية دخول فصل الصيف وهو نهاية شهر مارس وأوائل شهر أبريل من كل عام، ويستمر لمدة تتراوح ما بين 35 و40 يوماً، وتختلف باختلاف توالي الفصول الأربعة.

وقال يحيى محيا الطلحي كلنا أمل في الله سبحانه وتعالى بأن يقي مزارع الورد من الامطار خلال الفترة القادمة حتى نستطيع تعويض خسارتنا خلال العام الماضي والتي اثرت سلبا على منتجات الورد، لافتا إلى أن عملية قطف الورد تتم وفق طقوس خاصة، حيث يصاحب القطف نوع من الأهازيج، وعادة ما يكون موعد القطف في الصباح الباكر قبل شروق الشمس، بهدف المحافظة على خصائص الورد ومن ثم نقله إلى المصنع إن كان يراد تقطيره .


وأضاف أن عملية جني الورد تتم يدويا بطريقة دقيقة في الصباح الباكر أثناء تفتحه، ومن ثم يتم استخراج ماء الورد بعد أن يتم إحضار ثمرة الورد إلى المصنع، وأما طريقة استخراج ماء وعطر الورد، فتتم بوضع الورد في الأوعية المخصصة له وكل قدر حسب طاقته الاستيعابية ثم يوضع الماء بالكمية المناسبة لعدد الورد ويتم إقفال الأوعية بإحكام وتشعل النار تحتها، وعندما يبدأ الورد في الغليان يصعد البخار محملاً بالعطر ويمر البخار عبر أنبوب ” قناة ” محاطة بالماء البارد فيتكثف البخار وينزل على هيئة قطرات من الماء داخل قارورة تسمى “قارورة التلقية” وتستمر عملية التقطير حتى تمتلئ القارورة حيث يطفو الدهن على وجه ماء الورد لأنه أخف وزناً من الماء بعد ذلك يسحب الدهن ويوضع في قوارير خاصة به.

وتسمى هذه الطريقة العملية باسم ” التكثيف والتقطير ” وتختلف هذه العملية من قدر لآخر حسب كمية الورد والماء وتتراوح مدتها ما بين عشر إلى أربع عشرة ساعة يومياً.

تسميد الأشجار
وفي السياق نفسه أوضح محمد الشيخ أحد المهتمين بزراعة وصناعة منتجات الورد الطائفي بقوله : بدأنا هذه الأيام بتسميد أشجار الورد وسقيها بالماء بعد أن تم تقليمها الأسبوع الماضي، لافتا إلى أن مزارع الورد في ازدياد كل عام ولكن مشكلة توفر الماء للري تقف عقبة أمام المزارعين وخاصة اذا شحت الامطار ونقصت المياه الجوفية في الوقت الذي يحتاج فيه الورد الى كميات مياه كبيرة.

توقعات الطقس
من جهته توقع خبير الطقس وتسمية الحالات عبدالعزيز الحصيني أن تشهد مرتفعات الطائف امطارا خلال الفترة القادمة ابتداء من نهاية الأسبوع الجاري.

وعن تأثر مزارع الورد بالامطار الغزيرة المتتالية التي شهدتها مدينة الطائف العام الماضي بين الحصيني أن هذا العام قد يكون اخف في كمية الامطار من العام الماضي. وأضاف أن الطائف اشتهرت بزراعة الورد وأصبح الورد الطائفي هو أحد العلامات المميزة للمدينة. في شهر ديسمبر من كل عام يبدأ المزارعون بحرث وتسميد وسقي حقول الورد , ثم في منتصف يناير حيث يكون قمة البرد في نواحي الطائف يبدأ تقليم شُجيرات الورد ثم يستعد الجميع لموعد قطف الورود.


رائحة عطرية
ويقول المؤرخون إن مدينة الطائف تعتبر من أقدم المدن في الجزيرة العربية في زراعة الورود وخاصة الورد الطائفي الذي له ميزة في رائحته العطرية، وقد اطلق عليها أمير منطقة مكة المكرمة، خالد الفيصل اسم مدينة الورود. والطائف عرفت زراعة الورد ومشتقاته قبل خمسمائة سنة، وقد اشتهر الورد الطائفي محلياً وعالمياً بأنواعه المتعدد وألوانه الزاهية، وخاصة الورد الجوري، وكذلك الورد ذو اللونين الأبيض والأحمر، وإضافة إلى ذلك فإن الطائف تشتهر بزراعة الأزهار ذات الروائح العطرية كالنرجس والياسمين والسوسن والفل وملكة الليل والعطرة والرياحين بأنواعها مما يبعث الفرح والسرور حين مشاهدة هذه المزارع.

كما اشتهرت جبال الطائف بروائحها العطرية والأزهار مثل شيع الجبل والحبق والأزهار الملونة، ومعروف أن مزارع الورد بالطائف وخاصة في منطقة الهدا ووادي محرم والشفا منذ القدم، وكانت هناك مصانع لتقطير ماء الورد وعطره في الهدا اندثرت كمصنع الشيخ أحمد قزاز (رحمه الله) وقد أنشأ له مصنعاً ببلاد غامد في الباحة وقد اندثر أيضاً فضلا عن مصنع الوزنة ومصنع بيت عرب أيضاً ومازالت هناك مصانع أخرى كثيرة ومتعددة لقبيلتي النمور من ثقيف وقريش تعمل إلى الآن. وقال: إنه منذ القدم كان ماء الورد وعطره يصدر إلى مكة المكرمة، يطيبون به الكعبة الشريفة، والآن، توجد عشرات المصانع والمعامل لتكرير عطر وماء الورد الطائفي، ويدخل إنتاج ماء الورد وعطره في بعض المنتوجات التسويقية.

مهرجان الورد
تحتضن الطائف مزارع الورد بأعالي قمم جبال الهدا، والشفا، وبلاد طويرق، ووادي محرم، ووادي الأعمق، ووادي البني، وبلاد الطلحات والمخاضة وغيرها .

ويقوم بعض مزارعي الورود بتسويقه على هيئته بالأسواق المحلية، فيما يشرع آخرون باستخراج الماء والعطور من محصول الورود بمعامل مخصصة لذلك. يبدأ موسم قطف الورد نهاية شهر مارس وأوائل شهر إبريل من كل عام ويستمر لمدة تتراوح ما بين 35 إلى 45 يوماً ويبلغ متوسط الورود المقطوفة يومياً 70 ألف وردة. ونظرا لأهمية الورد الطائفي وبعد أن بدأ يشتهر ويصبح معروف عالميا بدأت فكرة اطلاق مهرجان الورد الطائفي للتعريف بهذه الزهرة ومراحل تصنيع منتجات الورد والتي من اشهرها دهن الورد الطائفي وماء الورد بالإضافة الى التعريف بمراحل قطفه وتقطيره، وبالتالي الإسهام في تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحة الداخلية. وقد انطلق اول مهرجان للورد الطائفي في عام 1426هـ، ويجذب المهرجان الزائرين كل عام بهدف مشاهدة الورد الطائفي والتعرف على طريقة صناعة منتجاته المختلفة وشراء بعض منتجاته.

ويبلغ الإنتاج السنوي في المتوسط نحو 500 مليون وردة، وعدد معامل الورد 36 معملا. ويذكر أن أمانة الطائف قامت بإنشاء سجادة زهور بمساحة 900 متر مربع تضم 100 ألف شتلة من 10 أنواع من الزهور المتنوعة في حديقة الملك فيصل بالقديرة ضمن مشاركتها في مهرجان الورد الطائفي، بالإضافة إلى جهود المشتل الرئيسي والذي يدعم التوسع المستمر في المسطحات الخضراء في الطائف وضواحيها وإنشاء الحدائق والمتنزهات بالاضافة إلى جهود التحسين والتجميل الجارية بمواقع مختلفة من المحافظة مع توعية الزوار بأساليب العناية بالحدائق المنزلية.

كما أن مشتل أمانة الطائف ينتج أكثر من 40 نوعا من مختلف أنواع الزهور العالمية وبطاقة انتاجية سنوية تقدر بأكثر من مليون شتلة، كما تم استزراع أكثر من 200 موقع بأنحاء المدينة ومداخل ومخارج الطائف بشتلات الزهور والمتسلقات والحوليات، وتمكنت الأمانة من تخطي حاجز 6 ملايين متر مربع من المساحة الخضراء في ظل الجهود المبذولة لتعزيز الغطاء النباتي وزراعة المزيد من المواقع بالنجيلة الطبيعية، وعمدت الأمانة إلى التخلص من وسائل الري التقليدية بالوايتات واستعانت بوسائل وشبكات الري الحديثة التي غطت قرابة 300 موقع.

تقليم الأشجار لزيادة الإنتاج خلال موسم الورد العام الماضي

تكبد مزارعو الورد خسائر في الإنتاج بعد أن قل محصولهم من 80 ألف وردة في اليوم الى 10 الاف وردة وذلك بسبب الصقيع الذي باغت المزارع وكذلك هطول امطار غزيرة في الوقت الذي يجب حرمات الشتلات من الماء لمدة تتراوح ما بين شهر الى الشهر والنصف.

ومن أجل زيادة انتاج الورد يعمد المزارعون في مثل هذا الوقت من كل عام الى تقليم أشجار الورد وتنظيفها من الأغصان الميتة مما يعطي الفرصة الى زيادة الاغصان والتي بدورها تعطي انتاجا اكثر للورد اذا سلمت من الافات والعوامل الطبيعية الخارجة عن ارادتهم وخلال هذا العام بدأت مخاوف المزارعين من ان تتكرر نفس الحادثة املين ان تمر هذه الفتره بسلام.

وقال عدد من أصحاب المزارع: إن الإنتاج في هذا العام ربما يكون منخفضا أيضا بسبب الصقيع والأمطار التي أثرت على الموسم وبينوا أن الورد الطائفي لا مثيل له في العالم، فهو أكثر رائحة وعطرا من الورود المشابهة له ويمتاز برائحته الزكية حتى أن الكثير من بائعي الورد في العالم يقدمون إلى الطائف مع بدء هذا الموسم لحجز كميات كبيرة منه لبيعها في الخارج، مشيرين إلى أن ورد الطائف لا ينبت بشكل جيد في غير الطائف، وهو الأمر الذي يؤكده فشل محاولات بعض المهتمين بثقافة الورد لزراعتهم كميات منه في أرجاء من المملكة وخارجها. ويحرص الأهالي والزوار والمصطافون على اقتناء كميات منه، كاستخدام شخصي، أو كهدايا قيمة وثمينة خاصة لمن يقدر قيمة الورد الطائفي، ولا يخلو حفل زفاف في الطائف أو مناسبة عائلية هذه الأيام إلا وكان للورد الطائفي حضورا فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *