اجتماعية مقالات الكتاب

دافوس 2020 والشأن الصحي

وكالعادة كنت دائما من المتابعين للنقاشات التي تتم في ملتقى دافوس السنوي (من خلال اليوتيوب)، واركز دائما على ما يتم نقاشه في الشأن الصحي خاصة، حيث ان في مثل هذه اللقاءات الدولية يكون النقاش في المواضيع التي لها تأثير قوي في مختلف المجتمعات الانسانية، ايضا، يتم متابعتها من قبل المهتمين في الشأن الصحي سواء على مستوى الحكومات او المنظمات الصحية الدولية او الاقليمية (اما انا فإنني من المتابعين لأسباب سوف اذكرها في نهاية مقالي!).

في لقاء دافوس لهذا العام، كان موضوع النقاش الرئيسي منصبا على موضوع الكائنات الدقيقة (البكتريا والفيروسات) والتي تُحدث مرضاً شائعا وتكون سريعة الانتشار (وباء) والمعروفة بـ (superbug). هذا النوع من الكائنات الدقيقة تكمن خطورتها في حالة وصولها الى مرحلة مقاومتها لجميع انواع المضادات الحيوية المعروفة والواسعة الانتشار والاستخدام.

الى جانب ذلك، ارتبط النقاش ايضا بالجديد في عالم اللقاحات وخاصة ضد الاصابات الفيروسية، حيث كانت الاخبار في بدايتها عن انتشار فيروس كورونا الجديد في الصين، وكان النقاش منصبا ايضا على كيفية تعاطي مختلف المجتمعات (تحت ظل السياسات المضطربة) مع مثل تلك المواضيع المتعلقة بهاذين الشأنين.

وكان المتحدثون من دول هي النرويج والدنمارك والمملكة المتحدة. وبداية تم توجيه السؤال الى المتحدث من النرويج والذي كان بشأن المخاوف الدولية بسبب انتشار العديد من الامراض الوبائية في مختلف دول العالم والخوف خاصة من انتقالها وانتشارها (مثل مرض ايبولا والانفلونزا)، وكان من ضمن اجابة المتحدث ان الامراض الوبائية تبحث احيانا عن المجتمع الذي يمكن من خلال الظروف البيئية المناسبة أن يكون مناسبا جدا في الظهور والانتشار، وضرب على ذلك مثل مرض ايبولا وظهوره في افريقيا، الى جانب ظهور وباء الكورونا وانتشاره في مدينة وهانا الصينية.

وذكر المتحدث انه من الضروري جدا التركيز على البنية السكانية وامكانية ظهور المرض في تلك البنية السكانية بناء علي عوامل بيئية متعددة في تلك المجتمعات، ولإيقاف مثل تلك الوبائيات وتمددها وانتشارها في مجتمعات اخرى، لابد من التعاون الدولي وبكل شفافية في مثل تلك المواضيع المرضية. اما بالنسبة للمتحدث من الدنمارك، فقد كان جوابه متعلقا بشأن مقاومة الكائنات الدقيقة (superbug) للعديد من المضادات الحيوية، ومدى خطورة تلك المقاومة لما هو معروف من المضادات الحيوية، وانه من الضروري البحث عن مضادات حيوية جديدة يكون استخدامها فقط في الحالات الطارئة جدا وضرب مثلا على تلك الاستخدامات مثل طفاية الحريق التي توضع في مكان محدد ويتم التوجه اليها في الحالات الطارئة فقط. اما المتحدثة من المملكة المتحدة، فقد تحدثت بإسهاب عن التأثير السلبي للسياسات الدولية المضطربة على الاستراتيجيات المتبعة من المنظمات الدولية الصحية سواء على مستوى تبادل المعلومات بين الدول المختلفة او من ناحية اخرى الصعوبات التي تواجه نشاطات المنظمات في مقاومة الامراض وايصال اللقاحات الى المجتمعات التي هي في حاجتها! الى جانب ما ذكره المشاركون كإضافة عن تأثير الاوضاع السياسية المضطربة في كثير من الدول والمجتمعات وتأثيرها في انتشار الامراض الوبائية وتصحيح الاوضاع الصحية في تلك المجتمعات.

باختصار، ما ذكرته اعلاه هو جزء من النقاش الذي استمر على ما يزيد عن الاربعين دقيقة، وكان شيقا وجاذبا ايضا. ادرك تماما اننا نحن المهتمين بالشأن الصحي بحاجة ماسة الى الاستماع الى مثل هذه النقاشات من اصحاب خبرة وباع طويل في الشأن الصحي. ادرك تماما ان اعلامنا المحلي يجتهد في هذا الامر، لدرجة انه يأتي بمتحدثين حديثي التخرج والعمل في الشأن الصحي، ليتحدثوا عن مواضيع صحية هامة جدا وبصورة سطحية جدا ايضا! اما بالنسية للندوات العلمية المحلية، فحدث ولا حرج.
drimat2006@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *