خلال العشر السنوات القادمة سيتحدد مصير الدول وملايين البشر، وهذا الامر بيد القادة والمفكرين والسياسيين ورواد الاعمال، هم من يستطيعون اسعاد شعوبهم أو إتعاسها، هم من سيقرر متى وكيف نخطو نحو المستقبل، أم نبقى حيث نحن في غياهب التخلف والظلام.
ما يدعوني لكتابة هذه المقدمة، خبران، أحدهما يشكر معالي أمين محافظة جدة المهندس صالح التركي واجتماعه مع كباتن دراجات جدة قبل اسابيع، لمناقشة خطط إنشاء مسارات للدراجات.
والخبر الآخر، هو عقد اجتماع في مدينة سان فرانسيسكو الامريكية مع المدير التنفيذي للمشاة في الشوارع، بهدف حل المشاكل التي يواجهها المشاة والعابرون والقاطنين للطرق.
تخيلوا هذه الاهمية التي توليها التنظيمات الادارية في البلديات لقضايا الشوارع والطرق من اشارات مرور للسيارات والمشاة والدراجات، والعلامات الارشادية واللوحات التحذيرية، وبرمجة توقيتات الاشارات المرورية وصيانة المعابر الخاصة بالمشاة وذوي الاحتياجات الخاصة وسلامة الارصفة والاضاءة الفعالة، الخ.
بالأمس ولأول مرة قمت بتجربة المشي والتريض في مضمار شارع المسيال خلف سوق جدة الدولي. وتخيلت لو ان هذا الشارع ترك مفتوحا للمشاة فقط ومنعت منه السيارات، وانشئت على جنباته المقاهي والمطاعم السريعة والنوافير وملاعب الاطفال، وجلسات تطل على الحدائق والموسيقي الحية تصدح في ارجائه.
لا أعلم لماذا لا تحدد البلديات والامانات في المملكة بعض الشوارع دون سيارات ؟! حتى لو اقتصر هذا المنع على نهايات الاسبوع او عطلات الاعياد والمدارس ومواسم الاجازات. الخ.
سنشاهد الاسر والعوائل والمجموعات تمشي في الشوارع بحرية ومتعة وامان وسلام، الاطفال يجرون ويلعبون، والهواء نقي والتنفس صحي، والمتعة كبيرة لكل افراد ال
عائلة او مجموعات الاصدقاء، وفي هذا تحقيق لاهداف ورؤية 2030 فيما يختص بجودة الحياة.
على مر العصور كانت الازقة والطرقات ملكاً للمشاة فقط، وعندما كبرت واتسعت المدن وتشعبت انتقلت ملكية الشوارع الى الدواب والعربات واخيرا السيارات والتي فرضت نفسها ظلما وعدوانا واحتلت الشوارع ونسوا ان للشوارع ملاكا اصليين.
ولكن حان الوقت الان وبإلحاح، ان نعيد الشوارع للناس والبشر، ونعطيهم الحق في ان يعيدوا تصميمها كي تلبي احتياجاتهم ومتطلباتهم، يمشون فيها وياكلون ويلعبون ويلتقون مع اصدقائهم فيها، وان يتيحوا الفرصة للفنانين والرسامين والموسيقيين والرياضيين ان يعرضوا انتاجهم ويتباهوا ويفتخروا بإبداعاتهم.
انني ادعو الى عقد لقاءات بين البلديات والامانات كي يناقشوا ويرتبوا اعادة الشوارع الى أصحابها.