جدة – ياسر بن يوسف
ينشط هذه الأيام بطريقة محمومة باعة العسل المغشوس بجوار المراكز التجارية وفي الطرقات، وهم يعرضون بضاعتهم ” الكاسدة ” وفي الوقت الذي تعمل فيه أمانات المدن والبلديات الفرعية في كشف باعة العسل المغشوش، فإن ثمة دعايات “مرة” تجافي الحقيقة عن العسل في مواقع التواصل الإجتماعي ، خصوصا سناب شات حيث ثمة عدد من المشاهير ورموز مواقع التواصل يعملون بوتيرة ” ماسخة ” لترويج العسل المغشوش، ولأن بعض المشاهير الذين يروجون للعسل المغشوش لهم تأثيرهم في المجتمع فإن منتجات هذا العسل تجد من يشتريها، وبصفة مستمرة تحذر الهيئة العامة للغذاء والدواء من العسل المغشوش.
وسبق وأن حذرت الهيئة المستهلكين من عدم استخدام منتج عسل محدد وذلك بسبب احتوائه على مادة دوائية تستخدم بوصفة طبية ، وأوصت الهيئة المستهلكين بتجنب المنتج والتخلص مما لديهم منه فوراً حفاظاً على صحتهم، مشيرة إلى أنها تتابع تنفيذ الإجراءات للتأكد من خلو الأسواق من المنتج. وفي الوقت نفسه فإن الأوساط الطبية تحذر دوما من العسل المغشوش أو الذي لا يتفق مع المواصفات المطلوبة ، وخصوصا العسل الذي يتم ترويجه عبر النت. والسؤال الذي تطرحه ” البلاد” كيف يمكن التمييز بين العسل الأصلي والمغشوش؟، إذ يؤكد المختصون أن وجود الرقابة وجولات التفتيش اسهم في كشف تلاعب الكثير من المحلات بجانب كشف عدم تطابق بعض أنواع العسل للمواصفات.
في البداية يقول أستاذ وعالم أبحاث المسرطنات البروفيسور فهد الخضيري ، يتداول بعض العطارين والدجّالين والباعة في مواقع التواصل الاجتماعي، أنواعا متنوعة من العسل الذي يزعمون أنه يعالج مرض السكر بشكل تام ، وهذا الأمر كذب إذ أنهم يغشون العسل بحبوب الأنسولين التي تعطى لمرضى السكري.
لافتا إلى أن أي عطار يسوّق لعسل بأنه علاج للسكر أو مناسب لمرضى السكر “غشاش “،وحذر من خطورة تناول هذه الأنواع من العسل لما فيها من مخاطر زيادة الجرعة على مريض السكري ما يجعله يتعرض لغيبوبة السكر .
وأكد الخضيري أن العسل بكل أنواعه (سواء طبيعي أو مغشوش..) يرفع السكر بالدم مثلما يرفعه أي نوع من أنواع السكريات الأخرى ( السكر الأبيض والتمر وسكر الفاكهة وغيرها) لكن الفرق أن من اضطر للتحلية فليستخدم العسل باعتدال وفق احتياجه اليومي من السكريات وليس السكر الأبيض.
وأوضح أن كل أنواع العسل متشابهة ولا فرق بينها سواء مستوردة أو محلية، والذي على أرفف السوبرماركت غالباً عسل أصلي (مادام كتب عليه عسل) وعليه رقابة، فانه بالإمكان شراء أي عسل من دول غابات وحدائق ومزارع لوفرته هناك وهو طبيعي، مثل الدول الأوروبية كلها وكشمير وروسيا واستراليا وغيرها بعض المحلي يستوردونه ويعبئونه هنا.
مضاد طبيعي
ويقول استشاري التغذية العلاجية الدكتور خالد علي المدني، يعتبر العسل مادة غذائية عالية القيمة ويستخدم كغذاء للأطفال والكبار، وهو المادة المحلية الوحيدة التي ليست من صنع الانسان واستهلاكها كغذاء لا يحتاج الى تكرير، ويمكن حفظ العسل مطولاً عند تخزينه بالشكل الصحيح.
وأضاف: العسل يشبه المضادات الحيوية حيث أن له القدرة على قتل العديد من الميكروبات، الفيروسات والفطريات ، كما ويتفاعل مع خلايا في الجسم لإفراز مواد مطهرة تقلل من الالتهابات والتسممات وخفض مستوى الدهنيات في الجسم إذ يساهم العسل -كونه بديلا للمحليات المكررة والمصنعة- في الوقاية من العديد من: مشاكل السمنة، امراض القلب وتصلبات الشرايين. حيث وجد أن له دورا في تقليل نسبة الكوليستيرول والدهنيات في الدم.
الوقاية من أمراض الجهاز الهضمي فعلى عكس السكريات المكررة والبسيطة مثل السكروز، لا يتخمر العسل في المعدة حيث أنه لا يمكث طويلاً إذ أنه سريع الهضم، وبهذا لا يشكل أي خطر لغزو جرثومي.
وأكد على أهمية شراء العسل الأصلي من الأماكن المخصصة ، إذ أن الشراء عن طريق النت قد يعرض الفرد للعسل المغشوش، ففي الشراء المحلي العسل المغشوش يمكن تقديم الشكوى للجهات المختصة.
غش وتدليس
أما الدكتور محمود محمد فيقول :العسل المغشوش هو الذي يضاف اليه بعض المواد السكرية لزيادة كميته دون ان يفتقد العسل لمذاقه وهذا الأمر فيه غش وتدليس يهدف الى الربح السريع.
وحول كيفية التمييز بين العسل الأصلي والمغشوش يواصل الدكتور محمود كلامه: هناك دراسة سعودية اعدها فرع الغرفة التجارية الصناعية بمحافظة بيشة بمنطقة عسير أشارت الى أن الرطوبة الطبيعية للعسل الطبيعي النقي تكون في صورة مرتبطة بحيث اذا اضيف للعسل اي مادة غريبة بغرض الغش مثل عسل الجلكوز التجاري فانه يحدث خلل في هذا الارتباط الطبيعي للرطوبة وتتحول من صورة مرتبطة كما في العسل الطبيعي الى صورة حرة كما في حالة العسل المغشوش وهنا يكون من السهل التعرف على رطوبة العسل.
وحددت الدراسة عدة طرق لاختبار العسل الجيد وهذه الطرق هي اولا .. يغمس عود ثقاب في العسل ومحاولة اشعاله بحكه في علبة الكبريت فإذا كان العسل طبيعيا وغير مغشوش فان عود الثقاب سوف يشتعل لأنه لم يبتل اما اذا كان العسل مغشوشا فمعنى ذلك أن الرطوبة تحولت من صورة مرتبطة إلى حرة وبالتالي سوف يبتل عود الثقاب ولا يشتعل.
كما يمكن يتم وضع نقطة عسل على ورق نشاف، او اي سطح قابل للتشرب ، فنجد انه في حالة العسل الطبيعي تبقى نقطة العسل مكورة ولا ينتج عنها أي تشرب لسطح الورقة بالماء اما في حالة العسل المغشوش لا تكون نقطة العسل في صورة مكورة وينتج عنها تشرب سطح الورقة بالماء حول محيط النقطة.
ومن ناحية أخرى يمكن غمس قلم (كوبيا) في العسل نجد أنه في حالة العسل الطبيعي لا يكتب القلم لأنه لم يبتل اما في العسل المغشوش نجد ان القلم يكتب لأنه ابتل. وهناك طريقة أخرى تتمثل في غمر كمية من العسل بقدر نصف ملعقة صغيرة في كوب (سبيرتو) فاذا استقرت كتلة العسل اسفل الكوب دل ذلك على ان العسل سليم وغير مغشوش.
جشع مادي
ويتفق استشاري التغذية عصام محمد مع الآراء السابقة فيقول إن الأسواق تمتلئ بأنواع كثيرة من العسل، منها ما هو طبيعي لم تخالطه أية مادة، ومنها ما هو مغشوش تصرفت فيه الأيدي بإضافة السكر الأبيض أو شراب الجلوكوز أو أي مواد أخرى إليه، ولأن العلاج بالعسل يتوقف بالدرجة الأولى على كونه حقيقياً خالياً من المواد الأخرى، لذا ينبغي معرفة العسل الحقيقي وتمييزه عن المزيف عن طريق تذوقه، فإذا ذاب سريعا في الفم، فهذا دليل على سلامته من الغش، وإذا كان طعم حلاوته في الفم واضحة، فهو مغشوش، لأن العسل الطبيعي لا يبقى له طعم في الفم بعد دقيقتين أو ثلاث، ويمكن شم رائحته، فإن كانت ممزوجة بنوع نبتة معينة تغذى منها النحل حسب نوعه، فهو أصلي.
الذكاء الاصطناعي يكشف العسل المغشوش
من جهتها أوضحت أخصائية التغذية العلاجية الدكتورة إيمان الأيوبي ان التقنيات أسهمت الآن في الكشف عن العسل المغشوش اذ توصل باحثون في الكلية الإمبراطورية في لندن وكلية لندن الجامعية إلى وسيلة جديدة للتمييز بين العسل الحقيقي والمغشوش بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحاليل الميكروسكوبية، فمن المعروف أن عسل النحل هو ثالث أكثر منتج غذائي يتعرض للغش في العالم، فكثيراً ما يتم التلاعب في تصنيفه وتحديد نوعه، أو تخفيفه بواسطة مواد أخرى مثل السوائل السكرية.وشددت على أهمية دور الرقابة والتوعية بعدم الشراء عبر النت.
