اجتماعية مقالات الكتاب

الحاجة للعلاج النفسي

لا يتردد أحد منّا أن يتجه فوراً إلى أقرب عيادة أو مستشفى عندما يشعر بأي عارض صحي عضوي، سواء له شخصياً أو لأي أحد من أفراد أسرته صغاراً أم كباراً ، ويبحث عاجلاً عن سبيل العلاج للتخلص من أعراض المرض لتعود للمريض الصحة والعافية . وهذا أمر طبيعي بل يظل واجباً ( فإن لنفسك عليك حقاً وإن لأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه.)

لكن بالمقابل نجد الكثيرين إن لم يكن الكل يهملون ما هو أشد من ذلك وأعني به الصحة النفسية التي تتفاقم مع الإهمال وتؤدي إلى الكثير من المشكلات مع مرور الزمن، لعلاقتها المباشرة بظهور بعض الأمراض الجسمية الأخرى. والأمراض النفسية كما هو معروف تفوق الأمراض العضوية والعقلية في نسبها وانتشارها فهي تصيب الصغير والكبير بما لها من آثار وخيمة على الفرد والأسرة والمجتمع.

والواقع أن إهمالها أما عن جهل باستسهال نتائجها، أو احتمالية شفائها تلقائياً دون علاج . أو بسبب الثقافة المجتمعية السائدة التي أدت إلى محاولة إنكار وجودها وإخفاء ما قد يحدث من المصابين بها أحياناً ، لدرجة أن بعض الذين يعانون يتحرّجون من عرض حالتهم للأطباء النفسيين ،

كما أن بعض الأسر تتجه بأي فرد مصاب منها إلى غير المختصين من الأطباء الشعبيين وحتى المشعوذين !! وكأن عرضهم على المختصين أو دخولهم المصحات النفسية عيب يجب أن يستر ! وهذه في حد ذاتها تعد مؤشراً لحالة نفسية عامة لتلك الأسر أو من يتولى أمرها !! والمعروف أن للأمراض النفسية أسباباً متعددة ، منها ما يتصل بالناحية الوراثية ومنها ما يتصل بالعوامل الصحية الجسدية والعقلية أو ما يرتبط بالحياة الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والمزاجية تساهم في نشوء الصراعات الداخلية للمريض وتصدّع العلاقات الاجتماعية وظهور الأعراض الأخرى التي لا تخفى على المحيطين. ويظل من الواجب استشعار أهمية عرض المريض النفسي سريعاً، لأن ذلك يساهم بإذن الله في شفائه واختفاء حدة الأعراض بمعرفة الأسباب ليعود الشخص طبيعياً في حياته منتجاً في مجتمعه. ولأن شيوع الأمراض النفسية أكثر بكثير من العضوية فإن المطلوب من المجتمع مراعاة حقوق هؤلاء المرضى وقبولهم وحسن التعامل معهم بوعي وإنسانية بعيداً عن الرفض والإقصاء فذلك يزيد الحالات سوءاً.

ولعل من واجب وزارة الصحة التركيز على وجود المختصين في جميع المراكز الصحية ودعم عيادات ومستشفيات الصحة النفسية وزيادة عدد الأسرّة لتقابل هذه الأعداد وإعطاء المرضى الوقت الكافي للعلاج اللازم والاهتمام بهذه الجوانب لنكسب أعضاء نافعين ومنتجين، لا عاطلين بما قد ينجم عن إهمال حالاتهم من مشكلات عديدة.
ar2010@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *