اجتماعية مقالات الكتاب

أقوى رجل

لم يكن هناك شيء يملأ فراغ وقت توفيق الحميدان غير الكرة، حتى أصيب برباط صليبي في إحدى ركبتيه، قال له الطبيب إن كان يريد اللعب عليه أن يجري عملية لفك الرباط، لم يستطع والده أن يوفر تكلفة العملية حيث كان من محدودي الدخل.

يقول توفيق هنا طار حلم الكرة الذي كان يشغل تفكيري، استمريت سنة كاملة أقضي جل يومي في النوم والأكل ولعب «البلايستيشن»، وبسبب المكوث في المنزل تحولت من شخص رياضي يعشق الكرة إلى شخص ممتلئ الجسم.
أنعكس هذا الأمر سلبيًا على نفسيتي أصبحت عدوانيا، لا أمضي شهرًا حتى يتم توقيفي في قسم الشرطة جراء المشاكل التي أفتعلها، سببت لأهلي الكثير من المعاناة، فكان أكبر هم والدي أن لا يفتعل ابنه المزيد من المشاكل.

منحني والدي بعض المال واخترت أن أنفقه في النادي الرياضي، كان علي الدخول إلى قسم التخسيس لكني اتجهت لقسم كمال الأجسام، ذهلت بأجسام اللاعبين قلت في نفسي يجب أن أصبح مثلهم، لاقيت من الهجوم والتثبيط الكثير، كنت أسمع الكلمات السلبية يوميًا « الدبة دخل، يا شيخ روح أعمل حمية، بطل تشيل حديد» هذه الكلمات سمعتها لثلاث سنوات من عمري.

مرت الشهور انتقلت بعدها إلى نادٍ آخر، يعرف بأنه بوابتك نحو الإنجاز، وهو النادي الوحيد في المدينة الذي ينظم بطولات لكمال الأجسام، شاركت في أول بطولة نظمتها النادي وعندما كنت على المسرح لتقديم نفسي مع مجموعة من الأبطال، لفت انتباهي نظرات الاستهزاء والضحك على وجوه الحاضرين فأنا في نظرهم شاب سمين الجسم يمتلك هيئة أصحاب كمال الأجسام، نزلت من على المسرح وأنا أتوعد لهؤلاء بأن أكون أفضل.

أقيمت بعد ذلك مسابقة على مستوى المملكة، ذهبت إلى الرياض للمشاركة وعند أول وزن قمت بحمله أصبت نفسي من غير قصد، وتملكني اليأس عندما رأيت المنافسين يحملون الأوزان الثقيلة، قلت في نفسي لو عدت إلى المدينة وأنا مهزوم لا شك بأنهم سيسخرون مني، لا والله لن أرجع إلى المدينة بغير بطولة، فكنت أحمل الأوزان وأقول هذه من أجل أبي رحمه الله، وهذه من أجل إخوتي، هذا وأنا مبتسم بالرغم من ثقل الوزن علي لكني كنت قوي من أجلهم، وحققت المركز الأول.

خاض توفيق عدة مسابقات أخرى حقق فيها المركز الأول، ولقب حينها بأقوى رجل في المملكة للمرة الرابعة على التوالي. وهو الآن مدرب معتمد دوليًا من الاتحاد الدولي IFFBB، ومدرب معتمد في ١٩٨ دولة بشهادة من إسبانيا للاتحاد الدولي للعبة كمال الأجسام.

حياتنا لا تسير على وتيرة واحدة، جميعنا نمر بظروف قاسية نعتقد أنها نهاية الطريق، البعض يستسلم لها، والبعض الآخر يتعلم منها ويجعلها خطوة للتقدم للأمام.
almaha.am1994@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *