الدولية

النظام الإيراني انتهت صلاحيته

البلاد – رضا سلامة

رغم أن”انتفاضة البنزين” التي اندلعت في إيران 15 نوفمبر الجاري كانت شرارتها اقتصادية متمثلة في ارتفاع أسعار المواد البترولية بنسب تصل إلى 300%، إلا أن شعارات المحتجين كانت منذ البداية سياسية بامتياز وموجهة صوب رؤوس وتوجهات النظام مباشرة، عبر الهتافات الأكثر شيوعًا” الموت للدكتاتور، الموت لروحاني والموت لخامنئي، اتركوا سوريا في حالها وفكروا في حالنا، ولا لغزة ولا للبنان روحي فداء لإيران”،

مما يشير إلى أن زيادة أسعار المواد البترولية كانت بمثابة الفتيل الذي فجر برميل البارود، وأن”كيل” الشعب الإيراني قد “طفح” من نظام انتهت صلاحيته وظل جاثمًا على صدره منذ 40 عامًا، سواء من الأزمة الاقتصادية الخانقة والفساد وسوء الأحوال المعيشية والقمع في الداخل أو من المغامرات الطائشة وتبديد ثروات البلاد على المليشيات والأذرع في الخارج.

ودلالات ما سلف أن الاحتجاجات في إيران ليست ظرفية أو عارضة، لكنها تراكمات ممتدة لأيديولوجيات وسياسات فاشلة ينتهجها ويطبقها النظام على الأرض على مدار 4 عقود، وكانت نتيجتها قهر وإذلال وفقر في الداخل، وعزلة ومعاداة دول وشعوب العالم خارجيًا، بمعنى أن النظام لو تجاوز الأحداث الجارية ستظل عوامل انهياره قائمة، حيث بدأ العد التنازلي لزواله ربما منذ اعتلى السلطة في عام 1979، وأن كانت هناك محطات رئيسية في مسيرته نحو الهاوية أبرزها انتفاضات 2009 و2018 و15 نوفمبر 2019.

• تراكم الغضب
ولجوء النظام الإيراني للقمع الوحشي عبر الإفراط في استخدام الرصاص الحي وإطلاق النار من مروحيات الحرس الثوري على المتظاهرين، والتوسع في الاعتقالات والسحل والتعذيب، وسرقة جثث القتلى ومنع مراسم دفنهم وتلقي العزاء فيهم، في محاولة لإخماد الانتفاضة وتجاوزها والتعتيم على جرائمه وإرهاب كل من يفكر في الثورة عليه، كل ذلك وإن كان يحقق بعض أهدافه حاليًا ومرحليًا، إلا أنه يراكم مزيدًا من الغضب في نفوس الإيرانيين، ويقوض أي فرص للحلول الوسط أو التلاقي في منتصف الطريق،

فبعد سقوط 400 قتيل وإصابة أكثر من 4000 شخص واعتقال أكثر من 10 آلاف ، وامتداد الانتفاضة إلى أكثر من 165 مدينة ومنطقة خلال 11 يومًا فقط، وفقًا لإحصاءات متداولة، وإن كانت المعارضة الإيرانية تشير إلى أرقام أعلى بكثير، ستكون الاحتجاجات والانتفاضات القادمة أكثر دموية، بحيث تصبح المعادلة صفرية؛ بقاء النظام أو الشعب.

• معاناة ونقمة
كانت انتفاضة البنزين أولى نتائج العقوبات الأمريكية على النظام الإيراني، لكنها لن تكون آخر أو أقل النتائج ضررًا عليه، حيث ستستمر العقوبات طالما واصل النظام سلوكه المهدد للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، مما يحد من قدرة النظام على الهرب من مصيره المحتوم، وقد اعترف حسن روحاني، بأن”البلد اليوم يواجه أكبر الضغوط والعقوبات الاقتصادية على مدى السنوات الأربعين الماضية”، وقال وزير النفط، بيزن زنكنة، إن وضعنا أسوأ مما كان عليه خلال الحرب الإيرانية العراقية، فلم نكن نواجه مشكلة تصدير عندما كان صدام يستهدف وحداتنا الصناعية، أما الآن فلا يمكننا تصدير النفط الإيراني.

وفي الوقت نفسه، يكافح الشعب الإيراني في ظل ارتفاع الأسعار وفي ظل نظام يركز على تصدير الإرهاب بدلًا من تخفيف المصاعب في الداخل، حيث وصل معدل التضخم إلى 50٪، وارتفعت أسعار السلع الأساسية كالخضروات واللحوم أكثر من 100٪ خلال أقل من عام منذ فرض العقوبات الأمريكية عام 2018.

وسيكون نظام الملالي خلال الحقبة القادمة أمام مصيره المحتوم، ورغم محاولات قادته السعي لإنقاذه عبر قمع وإخضاع الداخل وتعبئته، ولن يطول بقاء النظام الإيراني كثيرًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *