الدولية

خبراء لـ«البلاد »:مشروع الملالي يتآكل عربيا

البلاد: محمد عمر- وعمر رأفت

انتفضت إيران مرة أخرى منذ الجمعة الماضية، بعد انتفاضتها في نفس التوقيت تقريبًا من العام الماضي، واجتاحت التظاهرات مدنًا إيرانية كبرى من بينها العاصمة طهران، ومشهد (شمال شرق) وسيرجان (جنوب) والأحواز (غرب)، وتخللتها مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن الإيرانية، احتجاجًا على قرار رفع سعر البنزين 3 أضعاف، مما أسفرت عن مصرع 27 شخصًا حتى أمس الأحد.

وأظهرت لقطات بثها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي اشعال النار بمقرات للباسيج والأجهزة الأمنية الأخرى ومحطات وقود ومؤسسات أخرى.

وقد قطعت السلطات الإيرانية خدمات الإنترنت عن معظم المدن بالبلاد في محاولة لتحجيم التواصل بين المتظاهرين، ومنع بث مشاهد أعمال قمع المحتجين، التي قد تستفز سكان مدن أخرى للنزول إلى الشوارع.

وعلق عدد من الخبراء على الأوضاع في إيران وتحدثوا عن انعكاس هذا الأمر على الأوضاع في العراق وسوريا.


• المتغيرات الإقليمية
قال مجدى الشيمي المحلل السياسي إن إيران تعد من أكثر الدول إثارة الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك دورها في نشر الطائفية والمذهبية في المنطقة.

وأضاف لـ”البلاد” أن إيران باتت تحتل العراق كما استثمرت مهادنة إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما لتتمدد في المنطقة، وأيضا استغلت الأوضاع في لبنان واليمن لتنشر أذرعها في المنطقة. ونوه “الشيمى” إلى أن إيران اعتمدت على خطاب ثوري “وهمي” معادي لأمريكا والغرب واختراع فكرة ولاية الفقيه والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والقوة الناعمة؛ للتوغل والهيمنة و كسب تأييد قطاعات من الرأي العام في الدول الأخرى. وأتم بأن أوراق إيران تتساقط الآن، ومشروعها يتراجع، بدليل ما يجري على الأرض في العراق ولبنان وحتى داخل إيران نفسها.

• أسباب الاختلاف
وقال هاني سليمان المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات، إن التظاهرات التي حدثت في إيران خلال عقد ونصف، وإن اختلفت أسبابها وسياقها، تؤكد عجز نظام الملالي عن تحقيق أهداف وتطلعات المواطنين، وتحمل زوال ثورة الخميني بشعاراتها الجوفاء، ونخبتها السياسية العاجزة.

وأضاف سليمان لـ(البلاد) أنه ورغم ما تحمله مجمل تلك الاحتجاجات من معاني وسمات متشابهة، غير أن التظاهرات الحادثة حاليًا في إيران تختلف عن سابقها – التي حدثت في ٢٠٠٥ أو الحركة الخضراء في ٢٠٠٩، وتلك الاحتجاجات التي قامت نهاية ٢٠١٨ وبداية ٢٠١٩- في عدة نقاط:

أولًا؛ من حيث حجم ونطاق التظاهرات: حيث امتدت التظاهرات لكافة المحافظات الإيرانية حوالي ٥٢ مدينة، بما يعطيها قدر من الانتشار والعموم، ويحمل دلالة رفض جموع الشعب لسياسات النظام. وهو ما يؤكد أن تلك التظاهرات عابرة للقوميات، خلافًا لتظاهرات ٢٠٠٥. وقد طالت التظاهرات مدن تعتبر ذات مكانة وثقل للنظام، مثل مدينة مشهد التي تحظى بمكانة دينية ونفوذ رجال الدين. وسيطر المتظاهرين على طرق حيوية في طهران مثل طريق الإمام علي، وطريق حكيم.

ثانيًا؛ التظاهرات تأتي في إطار مغاير، من حيث بيئة وحجم التحولات الإقليمية والدولية، وأثر العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة، علاوة على حالة العزلة السياسية المفروضة على طهران.

ثالثًا؛ تطويق طهران احتجاجيًا في لبنان والعراق، وهو ما يدل على رفض السلوك الإيراني شعبيًا، وهذا هو الأخطر. وأيضًا إكساب تظاهرات إيران زخم ونقل حالة من العدوى والجرأة لمتظاهري الداخل.

رابعًا؛ تحمل التظاهرات الطابع العفوي، فهي بلا قيادة سياسية، ولا تعكس تمثيل لخلافات أجنحة النظام وصراع الداخل. وإن كان البعض يعتبر ذلك نقطة سلبية، غير أنها تحمل إرباك للنظام، الذي يواجه الشارع، ولا يحمل فرصة للوصول لاتفاق وتكيف سياسي مع قادة بأعينهم.

خامسًا؛ تتميز التظاهرات الحالية بأنها قابلة للاشتعال والاستمرار لفترة، نتاج سياسات النظام في قمعها، واستخدام العنف المفرط، من خلال الحرس الثوري والباسيج وقوات مكافحة الشغب، وهو ما أفضى لوفاة وإصابة أعداد كبيرة من المحتجين.

لذلك خطر تلك التظاهرات مركب ومعقد للنظام، الذي أضحى تقديره ووزنه للأمور غير مناسب تمامًا، ويشكل تهديد مباشر له، خاصة في ظل حالة الرعب التي يعيشها من تظاهرات العراق ولبنان، وحالة الحصار الشعبي له في الداخل والخارج، وأيضا في ظل التوصل لاتفاق الرياض في اليمن، وهو ما يؤسس لتوحيد الجبهة ضد جماعة الحوثيين ذراع إيران في اليمن، كما أن هناك حالة رفض لسلوك إيران في سوريا، وفي النهاية طهران في اختبار شديد الصعوبة، لم تتعرض له من قبل، وكافة السيناريوهات مفتوحة، والمؤكد أنها لن تخرج منه كما ذي قبل.

• الدفاع عن النفس
وقال علي قاطع الأحوازي، مدير المرصد الأحوازي لحقوق الانسان، إن الإيرانيين ليسوا المتضرر الوحيد من سياسات السلطة العدائية التوسعية التي تحكمهم بالنار والحديد، هناك دول كثيرة متضررة من سياسات السلطة الإيرانية ومشاريعها العدوانية التوسعية التي زعزعت الامن الإقليمي والدولي، وتدخلت في شؤون الكثير من الدول مثل لبنان واليمن والعراق وخلقت اختلافات دينية وطائفية لخدمة مشاريعها التدميرية.

مؤكدا أن هذه الدول وشعوبها يحق لهم من باب الدفاع عن النفس أن تشارك في ردع إيران ومساندة أي حراك يضعفها حتى يودي الأمر لوقف العدوان.

• القضاء على النظام
وقال عيسى الفاخر، عضو حركة النضال العربي لتحرير الاحواز، إنه في حال استمرار الضغوطات الاقتصادية على إيران، فإنها ستنهك النظام الإيراني وتهز أركانه، حيث ان لن يستطيع التعاطي معها في ظل الفساد الإداري وفشله في إدارة الأزمات، وهذا بسبب صرف الأموال الإيرانية لتطبيق سياسة إيران الإرهابية في الخارج ، مضيفا بأن نظام الملالي لا يعرف إلا القتل والإرهاب والاعتقال والتعذيب، لافتا إلى أن القضاء على النظام مرهون أولًا بإرادة الشعب الإيراني التواق إلى الحرية، وثانيًا بالإرادة الدولية إن كانت تدعم الشعوب المنتفضة وتزيد من ضغوطها ضد النظام الايراني الارهابي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *