البلاد – مها العواودة
تتوالى فصول الأزمة السياسية الداخلية الفلسطينية منذ سنوات ولا مخرج منها إلا عبر الانتخابات وفق ما تفرزه صناديق الاقتراع، وذلك للخروج الأسلم من عنق الزجاجة ورأب الصدع وإعادة بناء وتجديد النظام السياسي الفلسطيني ” من أجل الوطن” الذي يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، وخيمة الانقسام السوداء المهترئة منذ 13 عاما والتي ألقت بظلال قاتمة على حياة الفلسطينيين ومستقبل القضية.
وأكد عدد من المحللين السياسيين في تصريحات لـ “البلاد” أن دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإجراء الانتخابات العامة في الأراضي الفلسطينية الرئاسية والتشريعية لا تكفي، فلابد من موافقة حركة حماس العاقة المسيطرة على قطاع غزة والتي أجهضت المصالحة الوطنية من أجل مصالح حزبية ضيقة، وكذلك الحصول على موافقة إسرائيلية على إجرائها في العاصمة القدس، لكن غالبية التقديرات تشير إلى أن الوضع السياسي القائم في إسرائيل قد يجعل من موافقة الحكومة الإسرائيلية على الانتخابات في القدس الشرقية أمرًا مستبعدًا، وما يزيد الأمر تعقيدًا اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ويشير المراقبون والمحللون أن التحضيرات للانتخابات الفلسطينية تسير ببطء وفي أجواء من الحذر ، خاصة وأن طرفي المعادلة (فتح وحماس) غير جاهزين فعليًا لإجراء الانتخابات، وإن جرت ستكون بعد مخاض عسير وبفعل الضغط الدولي على الحركتين لإجراء الانتخابات، مؤكدين أن إعلان أبو مازن عن نيته إجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أحرج حماس ووضعها في الزاوية للموافقة على إجراء الانتخابات والتي ستكون مجبرة عليها هربًا من العقوبات الدولية.
يؤكد المتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي أن حركة فتح ترى في إجراء الانتخابات طريق واسع لإنهاء حالة الانقسام الداخلي بإعطاء الكلمة لصاحب السلطة وهو الشعب الفلسطيني، وأن هناك حالة اجماع وطني فلسطيني على ضرورة إجراء الانتخابات في كل من قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس.
وأضاف أن كل الجهود منصبة الآن على موافقة إسرائيل على إجراء الانتخابات في القدس الشرقية، لافتا في الوقت ذاته أن القيادة الفلسطينية تبذل جهوداً دوليةً مكثفة للضغط على إسرائيل للحصول على موافقتها، مشيرا إلى أن هناك بوادر إيجابية أبدتها حماس مؤخرًا، ولكننا نراقب الأمور بحذر من حماس وعلينا أن نكون حذرين للحظة الأخيرة، فتجاربنا كثيرة مع هذه الحركة التي تضع العصي في الدواليب، ونأمل ألا يكون الأمر كذلك هذه المرة الذي يحتاج فيها الوطن لإجراء العملية الانتخابية”.
وقال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض إن الجهود الآن تتركز على أهمية إنجاز الانتخابات باعتبارها مدخلًا لإنهاء الانقسام والذهاب للمصالحة ، خاصة بعد أن اصطدمت كل جهود المصالحة وتنفيذ الاتفاقات بجدار التمترس حول المطالب الحزبية، فلم يعد هناك إلا خيار الذهاب إلى صناديق الاقتراع ليقول الشعب كلمته بالانتخابات كحق دستوري، مضيفا بأن المرونة التي أبدتها حركة حماس مؤخرًا تعود لقراءة الحركة للتطورات الإقليمية والدولية، والتي باتت تفرض عليها أن تكون ضمن منظومة حكم شرعية، خاصة بعد أن فقدت ذلك بعد حل المجلس التشريعي وأنفذ ذلك على الصعد المحلية والإقليمية والدولية.
مرونة شفهية
ويرى السياسي الفلسطيني حازم أبو شنب أن الانتخابات حق قانوني للمواطنين، وعلى الجميع أن يشجع ويدفع باتجاه سير عجلة الانتخابات، ولذلك مطلوب من حماس بشكل أساسي اعلان صريح بموافقتها على عقد الانتخابات وتمكين الحكومة الفلسطينية من أداء مهامها في قطاع غزة لتسهيل عمل لجنة الانتخابات المركزية وتسهيل أيضًا عقد الانتخابات، لافتا إلى أن مرونة حماس حتى الآن شفهية وعبر وسائل الإعلام فقط، وعليها أن تعلن موافقتها رسميا وتسلم ردًا مكتوبا للجنة الانتخابات المركزية، خاصة وأن أزماتها تتزايد وعلى كافة الصعد.
تعطل لـ 12عامًا
ويرى عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين محمود خلف ضرورة أن تستمر جهود وتفاهمات إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وأن يعقبها انتخابات للمجلس الوطني حيثما أمكن، كما تم الاتفاق عليه باجتماع اللجنة التحضيرية في بيروت ٢٠١٥، مؤكدٍا أن الانتخابات تعطلت مدة 12عاما بفعل الانقسام حيث أضحت جميع المؤسسات الفلسطينية فاقدة للشرعية، لذا يجب العودة إلى الشعب وذلك عبر الانتخابات.