المحليات

عمائر “معيوبة” تفضح غش المقاولات

جده – رانيا الوجيه

جودة مواصفات البناء لاتقل أهمية عن غيرها في كل مجال، والغش فيها استنزاف للمال ومخاطر على سلامة السكان. وكل صاحب عقار يتعاقد مع مقاول بناء أو يشتري الجاهز ، تكون أكبر مخاوفه أن يقع ضحية الغش ، وبالفعل بعضهم لايسلم منه؛ بسبب التلاعب تخفيضًا للتكلفة ، أو طمعا من المقاول في أرباح أكثر ، مع غفلة الرقابة الهندسية وجهل البعض بالمواصفات، ممن تبهرهم فرحة تسلم المفتاح دون اكتشاف ماوراء التشطيب الظاهري من غش ، وفي هذا.. حدث ولا حرج، عن دوامة لاتنتهي من الأضرار والأخطار. أيضا التحايل في مساحات الشقق الحديثة بتقليص مساحاتها وارتفاع إيجاراتها.
حول ذلك رصدت “البلاد” شكاوى عدد من أصحاب العمائر.

تقول أم عبدالله الحكمي، وهي مالكة إحدى العمائر السكنية في حي الحمدانية بجدة : بعد أن تم التعاقد مع أحد المقاولين لإنشاء العمارة وبعد تشطيبها واستلامها، تلقيت شكاوى من المستأجرين بظهور تشققات في الجدران، وأيضا خروج مياه جوفية من الأرضيات وهذا ما أعاني منه في منزلي أيضا، غش المباني لم يعد يقتصر على التشطيبات، بل وصل للأساسات الخرسانية، ولذلك أتمنى وضع عقوبات رادعة على المقاولين، الذين يستخدمون مواد بناء مغشوشة في تشييد المباني.
دوبلكس خدعة


الهيئة الهندسية: إخضاع جميع المباني السكنية لكود البناء

مالك: اشتريت فيلا دوبلكس واكتشفت الخدعة

يجب إلزام صاحب العقار بضمانات مابعد البيع

مستأجرون: نتحمل تكاليف الصيانة نيابة عن المالك


يقول المواطن سعيد الأحمري، الذي اكتشف أن هناك غشا تجاريا في المنزل الذي قام بشرائه، وهو عبارة عن ” فيلا دوبلكس” في حي الياقوت- أحد الأحياء الحديثة بشمال جدة- موضحا: معظم المشاريع الموجودة والمقامة، أنشئت بدافع التكسب والتجارة، بمعنى أنه استخدم لبنائها أرخص الأدوات وأقلها جودة، ولا تراعى فيها أبجديات السلامة والاستمرارية، ودائمًا ما يكتشف المشتري أنه وقع في ورطة كبيرة عند شرائه بناية من ذلك النوع كما حدث معي، فنحن كمواطنين نعتبر ضحايا لغش بعض المقاولين، وقد دفعنا جميع ما نملك للحصول على سكن مناسب، ثم نكتشف أن المنزل الذي اشتريته هو مجرد خدعة، ولا أستطيع المطالبة بالمبالغ المدفوعة لعدم اشتراط إعادة المنشأة إلى صاحبها في حال وجود غش ، أو حتى الحصول على تعويض مناسب ، وبالتالي أطالب بتكثيف المتابعة والمراقبة من الجهات المختصة لوضع حد لتلاعب المقاولين.

ويضيف : معظم الأعطال تبدأ غالبًا بعد انتهاء البناء بثلاث سنوات، وتحتاج لأموال طائلة لإعادة صيانتها وتجديد بنائها، وهي المدة التي تكون البناية فيها انتقلت من ذمة المستثمر واستقرت في ذمة المشتري، الذي وقع ضحية غش من نوع جديد.


كما يوضح منصور السليماني أحد المستأجرين مشكلته مع الغش التجاري قائلا: جهل أصحاب العقارات أو بعض المستثمرين بتفاصيل أساسيات البناء، جعلهم ضحية للبناء التجاري، الذي بدأ بالانتشار بشكل كبير. ولا نتجاهل أن بعض أصحاب العقارات متواطئون مع المقاولين من أجل الربح السريع، وما نعانيه مع صاحب العمارة مشاكل عدة منها؛ هبوط أرضية غرفة المجلس، مشكلات في السباكة و ضعف توصيلات الكهرباء، ونتحمل نحن كمستأجرين تلك التصليحات المتكررة، ولا يقبل المالك خصم تلك المصاريف من قيمة الإيجار .


مبان كرتونية
أيضا يسرد سعود السقاف معاناته قائلا: الغش التجاري تغير اسمه إلى البناء التجاري ، وهذا ما يتضح فعليا في المنازل الكرتونية التي يقدمها المقاولون لضحايا حلم امتلاك منزل ، وهذا ما تعانيه الآن عائلتي بعد شراء فيلا من إحدى شركات المقاولات الواقعة بأحد الأحياء الجديدة بشمال جدة ” الرحيلي”، وحاليا أهلي ضحية الغش التجاري ويصرفون الوقت والمال والجهد لإصلاح أسلاك الكهرباء وترميم الشقوق التي تظهر كل فترة في جدران المنزل، حيث إن المنزل متصدع من الداخل والخارج صدوع عميقة، وتكلفوا فوق ثمن المنزل وتسديد الأقساط الى ميزانية أخرى لإعادة تأهيل و إصلاح الغش في البناء.


من جهتها، تقول تهاني باحسن إحدى المستأجرات في حي الأصالة بجوار ملعب الجوهرة: تعتبر المنطقة التي نسكن بها غير صالحه للبناء؛ حيث إنها غير مجهزة بإمدادات الماء والكهرباء إضافة إلى مشاكل الصرف الصحي، وهذا ما نعانيه فعليا في حي الأصالة ، بالرغم من أن الإيجارات ليست بالأسعار المتوسطة بل مرتفعة جدا في هذه المناطق، ونحن كسكان الحي نعاني من أزمة الصرف الصحي ونعيش على مياه الوايت( شاحنات تعبئة المياه) أيضا التسليك الكهربائي سيئ جدا ، فإضاءات المنزل ضعيفة جدا بسبب احتراقها بشكل مستمر في ذات اللحظة التي يتم فيها تغيير الإضاءات ” اللمبات” تحترق فورا لا نعرف مالسبب، إضافة الى أن سوء التسليك الكهربائي لا يتوقف فقط على الإضاءات، أيضا احتراق الأجهزة الكهربائية وشفاطات المطبخ والحمامات في خراب مستمر، ونتحمل تكاليف الصيانة والخسائر المادية دون تعويض.


ضمانات مطلوبة
جانب آخر يطرحه وائل باداوود عن تلك المعاناة مع الغش التجاري أو مايسمى بالبناء التجاري موضحا: بسبب رداءة المواد المستخدمة في البناء، من باب الاسترخاص وتوفير القدر الأكبر من المال، واجهنا هذه المشاكل؛ كون تلك المساكن هي مساكن تجارية استثمارية ليست لسكن نفس المالك ، وبالتالي يجب إلزام صاحب العقار بضمانات مابعد البيع ، حيث تبدأ المشكلة والمعاناة ربما بعد أسابيع أو شهور من السكن ، عندما يكتشف المشتري أن حلم حياته ما هو إلا هيكل كرتوني لا أساس له وليس فيه أي مقومات البناء الحقيقي أو أي عنصر من عناصر الجودة والضمانات .
تقليص المساحات


المهندسة أريج صدقة عطار، أبدت رأيها بشأن شكل وحجم المباني السكنية الحديثة في الوقت الراهن قائلة : بالفعل أصبحنا نجد أن الغش التجاري لم يتوقف فقط عند استخدام مواد بناء رديئة ، أيضا هناك استغلال تجاري في بناء مساحات الشقق داخل المباني السكنية مقارنة بالمباني القديمة بغرض الربح التجاري الذي يبلغ 100%، حيث نجد في العمائر السكنية القديمة الدور الواحد لا يتعدى الشقتين، أما الآن فنجد الدور الواحد يحتوي على أربع وخمس شقق ذات مساحات صغيرة ، وأعتقد أن ذلك يعود لغلاء الايجارات فكلما كبرت مساحة الشقة وعدد الغرف كلما زادت قيمة الإيجار. وفي المقابل نجد العائلات الكبيرة تتجه إلى شراء او استئجار الفلل الدوبلكس عوضا عن الشقق السكنية ومشاكل المواقف. ومن وجهة نظري يكمن الحل بوجود أنظمة صارمة من خلال البلدية لمنع البناء بشكل تجاري بأرخص الخامات .

كود البناء
من جانبه، صرح الدكتور مهدي ال سليمان رئيس هيئة المهندسين السعوديين قائلا: بداية بتاريخ 1-1-1441هـ تم إلزام وتطبيق جميع المباني السكنية بمتطلبات الكود للبناء السعودي على المباني السكنية ، واللجنة الوطنية للكود لديها مفتشون، لم يباشروا أعمالهم ، وحينما تدخل المباني السكنية في إلزام تطبيق الكود من حيث الاشتراطات ومتطلبات الكود السعودي، سيتم مباشرة عمل المفتشين أثناء التنفيذ ، ففي البداية كانت مع الأبراج السكنية الكبرى وآخر مرحلة ستكون من نصيب المباني السكنية في الأحياء؛ كالعمائر والفلل وغيرها، من جهة أخرى، هناك أحياء سكنية في جده ملزمة باختبارات فحص التربة لمعرفة مدى صلاحيتها للمباني السكنية ويتم ذلك عبر أمانة جدة، ومن وجهة نظر شخصية أرى أن أي مبنى سكني يجب أن يقوم بعملية اختبار تربة قبل إنشائه، أما بالنسبة للغش التجاري في البناء واستخدام مواد بناء رديئة فذلك يعود الى ذمة و أمانة المقاول فبدون مراقبة ستستمر مثل هذه التعديات، ومع تطبيق اشتراطات الكود السعودي سيتم اختفاء تلك المشاكل من غش تجاري واحتيال المقاولين في المباني السكنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *