لقد حدث أن ُطرد من مدرسته طالب في المرحلة الثانوية ، وألقي به إلى الشارع بسبب إشعاله للعبة نارية داخل الصف أفزعت المعلم والتلاميذ ، وبحجة أنه شوش على سمعة تلك المؤسسة التعليمية الأهلية ، وحتى يصبح عبرة أمام زملائه الآخرين حيث لن يجرؤوا بعدها على الاخلال بالنظام أو اقتراف ما يشبه سلوكه المدان.
إن التصرف الذي قام به هذا المراهق هو حقاً خدش للذوق العام واستهتار في المعايير والآداب ، ولكن لماذا الطرد من المدرسة والفجور في العقاب ؟! ألا يوجد هناك مشرف اجتماعي وموجه تربوي يقوّم سلوك المراهقين ؟ أليست المدرسة بيته الثاني ؟ ، ولماذا لم تستشرف إدارة المدرسة مستقبل هذا الطالب الذي سيزداد سوءاً حين يلتقطه رفاق السوء ؟ ولم كل هذا التجاهل لمشاعر أهله الذين ينتظرون من ابنهم النجاح وليس الفشل ، ولم التضحية بأعظم حقوقه في استكمال تعليمه ؟ أليس من الأفضل له أن يعاقب داخل أسوار المدرسة ويستثمر في قدراته ؟! أليس من المعيب أن نهدر كرامته ولا نصون طموحه ؟! لماذا لا نتعامل مع طلابنا المراهقين بإنسانية ونتفهم حالتهم الاجتماعية والنفسية ونجاهد في التخلص من تنمرهم الأخلاقي ؟ .
يقول زعيم الأمة الهندية المهاتما غاندي : « إذا قابلنا الإساءة بالإساءة فمتى ستنتهي الإساءة ؟ .المراهقين أبناءنا ومن واجبنا تجاههم أن لا نتسرع في الحكم على تصرفاتهم وأن نقدر التغيرات الجسدية والاضطرابات النفسية التي يمرون بها، فهي من أخطر مراحلهم العمرية وإن غياب الوعي ولغة الحوار والبخل في اسداء النصح والتوجيه بطرق ودّية قد يفاقم من أزماتهم النفسية ويجعلهم شباباً قنعاً لا خير فيهم ، وقد أثبتت الدراسات والبحوث أن الرياضة بكل أشكالها عدا أنها تقوي البنية الجسدية للمراهق فهي أيضاً تغير من مساره في الحياة ، وتثنيه إلى حد كبير عن السلوك المنحرف واحتساء الكحول والتدخين وتحميه من كافة الآفات الاجتماعية .
احتواء طلابنا المراهقين ضرورة حتمية ، والصبر على هفواتهم منهجية تنموية ، فلا يجب أن نستقوي عليهم بحماقة لنرضي غرورنا ، ولا يجب أن نتفاخر بأننا انتصرنا على أحد المشاغبين لنرهب به الآخرين ، فالمراهق ليس عدو المنظومة التعليمية ، والمعركة ضده غير عادلة ، ومكانة المدرسة بالتأكيد ستبقى محفوظة طالما ارتقت بالخدمات واستثمرت في الطاقات وخرجت علماء.