المحليات

وظائف المستقبل.. فتّش عن التعليم !

تحقيق- ياسر بن يوسف

دخول سوق العمل هدف كل خريج وخريجة، لكن تحدياته تكمن في متغيراته التي تتطلب تخصصات مناسبة، في الوقت الذي لا تزال فيه معظم مخرجات التعليم ذات تخصصات نظرية ، كما يشهد سوق العمل فائضا كبيرا بقطاعات معينة، بينما هناك حاجة لتخصصات جديدة ومستقبلية، خاصة مع الفرص التي تنتجها مشاريع الرؤية العملاقة، والتحول الاقتصادي في قطاعات كثيرة مما سيخلق مهنا ومجالات عمل جديدة يجب التخطيط لها في التنمية البشرية لمواكبة متطلبات واحتياجات السوق العمل.. حول هذه القضية ناقشت “البلاد” عددا من المختصين.

بداية أوضح المتحدث الرسمي للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني فهد العتيبي أن المؤسسة تعمل على المواءمة بين مخرجات برامج التدريب التقني والمهني وحاجة سوق العمل بما يساهم في تحقيق الرؤية الوطنية 2030.


وقال إن المؤسسة بدأت مع بداية العام الدراسي في تقديم تخصصات جديدة للبنين والبنات من أبرزها: خدمات الحج والعمرة الإرشاد السياحي، التأمين، السلامة والصحة المهنية، إدارة الفعاليات الطاقة المتجددة، لتضاف إلى عدة تخصصات أخرى قدمتها خلال الفترة الماضية منها (هندسة الطائرات صيانة القطارات صيانة السكك الحديدية، تقنيات البترول، تقنيات التعدين تقنية الغذاء الاتصالات) وغيرها من التخصصات الأخرى. ويتجاوز عدد التخصصات التي تدرب عليها المؤسسة أكثر من 60 تخصصا، وذلك عبر الكليات التقنية والمعاهد الصناعية الثانوية والعمارة والتشييد، والكليات التقنية العالمية، ومعاهد الشراكات الاستراتيجية. وتواصل المؤسسة التوسع في التخصصات التقنية مستقبلاً وفق حاجة سوق العمل الفعلية من الكوادر الوطنية.

تصحيح الخلل
أما الدكتور عبد الله بن احمد المغلوث عضو الجمعية السعودية للاقتصاد في ظل المبادرات والبرامج التي تسعى الى تحقيقها رؤية 2030 الى ان هناك تخصصات ينبغي استغلالها وإشغالها الا ان عدم توفر تلك التخصصات أصبح عائقا امام سوق العمل بل هناك تحديات يستوجب حلها وهذا لا يمكن الا بوجود دراسات ولجان مشتركة من وزارة التعليم ووزارة العمل لمعرفة المهن النادرة والتي ينبغي اشغالها من قبل المواطنين.

وأضاف: نتيجة توجه معظم الخريجين من الثانوية للجامعات في تخصصات تقليدية مثل التسويق والإدارة والعلوم الاجتماعية والإعلام أصبح هناك زخم هائل من الخريجين ولم يعد سوق العمل يطلب هذه التخصصات الى ان المهن القادمة تتطلب الاستفادة منها مثل الذكاء الاصطناعي والهندسة الكيميائية والطاقة والتكنولوجيا ومهنة البرمجة كل هذه مع الطفرة القادمة يستوجب وضع برامج للاستفادة من هذه التخصصات مستقبلا لابد من اشراك الشباب في برامج ومبادرات مشاريع التنمية وهذا كما اشرت لا يحصل الى بمعرفة التخصصات التي ينهض بها البلد في المرحلة القادمة

حتى يكون هناك احتياج في شغل تلك الوظائف الجامعات السعودية لابد ان تلعب دورا في تنويع التخصصات كذلك القائمين على البعثات لابد ان يقوموا بتوجيه المبتعثين لأخذ تخصصات يحتاج اليها البلد في المرحلة القادمة حتى ننافس ونجد ما يمكن الاستفادة منه ، و تكون هذه المخرجات بحجم التحدي في السوق من ناحية الكفاءة والقدرة والتحمل والتعامل الفاعل مع الواقع.

وفي سياق متصل قال الدكتور عبد الله ابراهيم الفايز مستشار في التخطيط الاقتصادي إن ندرة التخصصات في السوق السعودي تعتبر اهم المعوقات، وهي مشكلة تواجهها معظم الدول. وهذا النقص يعيق إلى حد ما تحقيق السعودة المطلوبة، حيث لا يمكن التخلي عن العمالة في تخصصات ضرورية للتنمية في ظل عدم وجود مخزون مساوي من الخبرات السعودية لتحل محلها، كما أن من الحقائق التي يجب ان لا نغفلها ان توطين المهن كلياً (100%) عالمياً لا يمكن.

ومن تجارب معظم الدول المتقدمة سواء امريكا او بريطانيا او اليابان او كوريا، فإن معدل التوطين لا يتعدى 70% وذلك بعد عشرات السنوات منتطبيق البرنامج التوطين. وتبقى معظم تلك الدول على نسبة 30% للأجانب. فنجد امريكا تعتمد على المكسيكيين والهنود والصينين وكذلك كوريا على الماليزيين وغيرهم وذلك ولعدة اسباب لوجستية.


ويضيف: معظم دول العالم تحاول ان تتدارك وتخطط مسبقاً لما يمكن ان تكون حالتها مستقبلاً كان تكون دولة متخصصة في الطاقة او السياحة او الصناعة او التجارة او جميعها. وبذلك تقوم بعملية احصائية لأنواع التخصصات التي ستحتاجها بعد سنوات للبدء في التعليم والتدريب في تلك التخصصات من الان، ومن افضل الممارسات في هذا المجال ما قامت به دولة جنوب افريقيا في رؤيتها والتخطيط لها بأن وضعت تصورا واضحا للوظائف المستقبلية التي ستحتاحها ومن ثم العمل على تسخير التعليم والتدريب من البداية في تلك المجالات.

وظائف المستقبل
ويستطرد الدكتور عبد الله ابراهيم الفايز قائلا: لقد اوضحت الرؤية ان الاقتصاد السعودي بحلول عام 2030م سيكون اقتصاداً متنوعاً ومزدهراً يقوده القطاع الخاص ويوفر فرص عمل مجزية وتعليما عالي الجودة وعناية صحية فائقة، إضافة إلى المهارات اللازمة لرفاهية جميع المواطنين وحماية القيم الإسلامية وتراث المملكة الثقافي ، وهنا أرى اننا بعد تحقيق اهداف الرؤية الحالية وبعد ترسية الاسس يحب ان ننطلق الى اعداد والتخطيط للرؤية التخصصية المستقبلية (2050). وأعتقد أن الرؤية القادمة يجب أن تكون أكثر تخصصا ومبنية على ما لدينا من ثروات وموارد مالية ومدخرات لتتناسب مع قدراتنا البشرية وتأهيلها.

ويضيف: إن وضع الرؤية المستقبلية القادم يجب أن يكون اكثر تركيزاً، فنحن لدينا فرص كثيرة. كأن نكون مركزا اسلاميا حضاريا ، وأن نكون دولة الطاقة بمفهوم (النفط والطاقة المتجددة) وتقنياتها، وارى أن السعودة يجب أن تتم بناء على ما لدينا من قدرات وما نصبو إليه من نظرة مستقبلية ليتم تأهيل وتدريب المواطنين في تخصصات تخدم الرؤية ، و يجب أن نعرف مخزوننا من المؤهلين السعودين و”نسعًود” بقدر ما لدينا منهم وفي الوقت نفسه نقوم بتدريب وتأهيل أبنائنا ليحلوا محل الأجانب تدريجياَ وحسب ما تحتاج إليه رؤيتنا المستقبلية.

لنبدأ بالتعليم
إذا أردنا أن يكون لدينا نظرة مستقبلية فإننا يجب أن نفصل مستقبلنا على هذا الأساس وأن نبدأ في السعودة والتأهيل للسعودة في المهن والمجالات التي تخدم هذه النظرة المستقبلية. وإذا أردنا أن نتميز في خدمات التنقيب عن النفط أو صناعاته أو تقنياته أو…، فإن التعليم والتدريب يحب أن يكون مكثفا في هذا المجال مع المحافظة على كفايتنا المعقولة، فجميل أن نتميز ونختص بأن نكون أهل الطاقة وأن يشار إلينا عالميا بذلك ، وهذا يستدعي التخطيط المسبق من الآن لتنمية وتوعية المجتمع السعودي للسير بخطى واضحة ومنحى مدروس لنصبح خبراء الطاقة وتقنيتها، وأن يشار إلينا بالبنان في هذا المجال. وأن تصبح جامعاتنا ومؤسساتنا وشركاتنا مقصد للأجانب ليتعلموا منا!.

أيضا علينا الاستفادة من التجارب الدولية ، لكن قبل ذلك نعرف ماذا لدينا من مقومات وإمكانات يمكن صقلها لمعرفة ما هي صالحة له ومن ثم نتوجه إلى ذلك، مع محاولة إعادة الحسابات والخطط دوريا وتعديل الوضع لتتمشى الرؤية مع المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية دوليا ومحليا. وفي كلتا الحالتين فإن الفرق بين الرؤية والحلم أن الرؤية يمكن تحقيقها ولكن الحلم يبقى حلما.

قائمة التخصصات
وكانت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية كشفت في وقت سابق عن وجود ثمانية تخصصات مطلوبة في سوق العمل، وتعاني انخفاض أعداد الطلاب المتاحين.

وأشارت الوزارة إلى أن هذه التخصصات تشمل: الهندسة بأنواعها – التعليم – التمريض – علوم الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات – الطب – الصيدلة – التقنية الطبية – المحاسبة المالية.

وضمت قائمة التخصصات ذات الفائض في العرض والانخفاض في الطلب المهني “الشريعة، الدراسات الإسلامية، اللغة العربية، العلوم الإنسانية”، حيث اعتبرت بيانات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن التخصصات الفائضة بطلاب في مهن منخفضة الطلب تعد مصدراً محتملاً للبطالة وتحتاج جهوداً مشتركة مع وزارات أخرى لتحويل تركيز الطلاب للمجالات المطلوبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *