طهران ــ وكالات
في وقت ينتظر فيه العالم مآل التصعيد المحتدم بين واشنطن وطهران، يرجح مراقبون أن تلجأ طهران إيران إلى عادتها الدائمة لإبعاد الخطر عن أراضيها.
ويخيم الغموض على المرحلة المقبلة، في وقت تتصاعد فيه لهجة التهديدات من كلتا الدولتين، إلا أن المعطيات الحالية تؤكد أن إيران لا تريد حربا مع أميركا ولا تقوى عليها بالأساس.
ويرى مراقبون في خضم ذلك أن طهران ستذهب إلى تحريك أذرعها، التي توصف بـ”وكلاء الشر”، في العمق الخلفي للمنطقة، مثل اليمن وسوريا والعراق، بهدف خلق جبهات بعيدة عن أراضيها، وتخفيف الضغط عليها.
بدوره أعلن وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، أن واشنطن عازمة على تشديد العقوبات الاقتصادية ضد إيران، بهدف إضعاف النظام الحاكم في طهران.
وأكد منوتشين في مقابلة مع شبكة “سي إن بي سي” ما صرح به وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حول استهداف العقوبات 80٪ من الاقتصاد الإيراني، قائلاً: “نحاول رفع العقوبات الأميركية ضد إيران بنسبة 100٪ ضد اقتصادهم”.
وأضاف: “يجب أن أضيف أن جميع الخدمات الإنسانية مستثناة من هذه العقوبات لأن قضيتنا ليست هي الشعب الإيراني. نحن نواجه النظام الحاكم في إيران”.
وقال وزير الخزانة الأميركي إن “العقوبات ليست الأداة الوحيدة المتاحة، بل لدينا الكثير من السبل، إلا أن العقوبات الجارية تأتي أكلها ولذا سنستمر بتطبيق هذه العقوبات”.
ورداً على سؤال حول ردود الفعل الإيرانية المنفعلة على العقوبات الجديدة، قال منوتشين إن “كل هذا يدل على أن العقوبات باتت تأتي بنتائج”.
يذكر أن العقوبات الأميركية الجديدة استهدفت المرشد الإيراني نفسه والمؤسسات المرتبطة به والدوائر التي تعمل تحت إشرافه، بالإضافة إلى 8 من قادة الحرس الثوري.
وتجمد العقوبات كل ممتلكات المسؤولين الإيرانيين في الولايات المتحدة وتمنع فعلياً أي فرد أو كيان من القيام بأي معاملات مالية معهم، كما ستجمد مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية.
وتصاعد مستوى التوتر بين إيران والولايات المتحدة بعد أن أسقطت طهران طائرة أميركية مسيرة زعمت أنها كانت تحلق فوق مياهها الإقليمية، فيما تؤكد واشنطن أن الطائرة كانت في المجال الجوي الدولي.
وبعد ذلك، كانت الإدارة الأميركية قريبة من الرد، حيث أمر الرئيس دونالد ترامب بتنفيذ ضربة عسكرية ضد أهداف إيرانية، لكنه ألغاها في اللحظات الأخيرة.
وكثفت أذرع ايران الإرهابية في المنطقة من هجماتها على ناقلات النفط واستهداف بعض المنشآت المدنية، ومن ذلك ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي أداة إيران في اليمن، بتصعيد استهداف المناطق المدنية بالمملكة بهدف تخفيف الضغط على المرشد في طهران.
وليس من قبيل الصدفة أيضا أن تصعد ميليشيات إيران في العراق، الآن تحديدا، من استهدافها للمصالح الأميركية.
وكانت عدة قواعد عسكرية تستضيف قوات أميركية غرب وشمال العراق قد تعرضت لهجوم صاروخي يحمل بصمات طهران.
وقالت تقارير إعلامية إن لقاء قائد فيلق القدس بالحرس الثوري، قاسم سليماني، الأخير مع قادة ميليشيات الحشد الشعبي التي تأتمر بأوامر إيران، لم يكن مجرد دعوة إلى إشهار السلاح، مضيفة “بل كان دعوة صريحة للاستعداد لخوض حرب بالوكالة”.
وباللهجة ذاتها تحدث زعيم ميليشيات حزب الله اللبناني، حسن نصر الله، حين قال إن مقاتليه جاهزون، ويدهم على الزناد.
وتزعم ميليشيات حزب الله أن بحوزة آمرتها إيران بالأساس قدرات تصفها بالخارقة، ترعب الخصم إلى حد لن يجرؤ معه على شن حرب.
هذا فيما لم تتوقف مليشيات الحشد الشعبي على مدى الأشهر الماضية من ملاحقة المتظاهرين والناشطين في البصرة باعتقالات تعسفية واختفاء قسري وتعذيبهم، لإخماد الاحتجاجات التي تطالب بإنهاء النفوذ الإيراني.
وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في البصرة منذ ٧ سبتمبر الماضي، حين اقتحم محتجون مبنى القنصلية الإيرانية في المدينة، وأضرموا النار فيها، تزامنا مع إشعال متظاهرين النيران في ١٢ مقرا لمليشيا وحزب تابعة لطهران في المدينة.
وأكد مهدي التميمي، رئيس مفوضية حقوق الإنسان في محافظة البصرة، أن التعذيب في البصرة أصبح ظاهرة.
وأردف التميمي “منذ انطلاقة مظاهرات البصرة في يونيو الماضي وحتى الآن سجلنا أكثر من ١٠ حالات تعذيب تعرض لها المتظاهرون والناشطون في المحافظة”.
وطالب بوضع حلول عبر التدريب وتطوير العمل الإجرائي الشرطي لتقليل هذه الحالات، والحد من التعذيب والتعامل العنيف مع المعتقلين، مشيرا إلى أن التحقيقات مستمرة في ملفات التعذيب من قبل محاكم التحقيق في البصرة.
وأضاف التميمي “نطمح أن تكون هناك استجابة من قبل الأجهزة الأمنية والأجهزة التنفيذية الأخرى عبر التدريب ومتابعة من يقدم على تعذيب المعتقلين ومعاقبتهم”.
وفى سياق منفصل أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده تشاطر الولايات المتحدة الهدف الاستراتيجي ذاته، وهو ألا تتمكن إيران من حيازة السلاح النووي.
وشدد ماكرون في تصريحات صحفية على ضرورة إبقاء الضغط على إيران، ولا سيما من قبل الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي عام 2015 في فيينا.
قال إنه أبلغ النظام الإيراني بأن الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 أو إعطاء أي إشارات توحي بأن طهران لن تلتزم به سيكون خطأ.