جدة ـ ياسر بن يوسف
حينما ننظر إلى واقع عالم الإعاقة بصورة عامة نجد أن ضعف البصر يمثل أحد أهم التحديات الصحية على المجتمعات تنموياً واقتصادياً واجتماعياً في ظل محدودية الخدمات ونقص الكوادر المتخصصة في المجال، وهناك حزمة من الإعاقات تضع قتامة على ” العين ” منها الجدجد وهو عبارة عدوى الجفن المُتهيجة ، فضلا عن المياه الزرقاء ” الجولكوما ” والتهاب الشبكية السكري وجفاف العين والضمور البقعي والرمد والمياه البيضاء والمتمثلة في تحول عدسة العين من شفافة إلى ضبابية معتمة إلى غيرها من أمراض العيون.
وبحسب الهيئة العامة للإحصاء وفقا لمسح العام 2017 تمثل الصعوبات البصرية نسبة 46 % من إجمالي السكان ذوي الإعاقة وهي الأكثر انتشاراً في المملكة، وهناك ما يقارب 830,745 حالة ضعف بصر بدرجاتها الثلاث “خفيفة، شديدة، بالغة ” فيما يمثل الذكور أكثر من النصف (55%) بينما نسبة الإناث تقارب 45% من الحالات.
واوضح لـ “لبلاد” محمد توفيق بلو الخبير في مجال خدمات العناية بضعف البصر وإعادة التأهيل وأمين عام جمعية إبصار السابق أنه لابد من الاستناد للتعريف القانوني لضعيف البصر لكي يمكننا تحديد احتياجاته من الخدمات الإكلينيكية وبرامج التدريب وإعادة التأهيل اللازمة له وبحسب علمي فإن ضعيف البصر هو الشخص الذي تكون حدة البصر لديه أقل من (18/6 متر) على أن تعادل أو تكون أفضل من (60/3 متر) باستخدام أفضل النظارات الطبية في العين الأفضل.
وأضاف أن ضعيف البصر في الولايات المتحدة الأمريكية يعرف قانونياً بالشخص الذي تكون حدة الإبصار لديه (200/20 قدم) باستخدام أفضل النظارات في العين الأفضل ،مما يعني أن ما يمكن رؤيته على بعد 200 قدم يحتاج أن يقرب إلى 20 قدم حتى يراه المصاب، وهناك حالات أخرى كضيق مجال الرؤية بحيث يكون المجال المنظور إليه لا يتجاوز زاوية مركزية قدرها (20 درجة) مما ينتج عنه عدم القدرة على النظر إلى صفحتين في كتاب واحد.
نقص الوعي
وتابع بلو بقوله ” بنظرة سريعة ومن واقع التجربة على ما يقدم حالياً من خدمات العناية بضعف البصر تعتبر ناقصة أو محدودة الأثر على المريض وذلك لغياب المراكز المتخصصة في العناية الشاملة بضعف البصر، بالإضافة إلى نقص الوعي العام بين عيادات العيون عن الخدمات المتوفرة وقاعدة بيانات للمختصين من مقدمي الخدمة، وشح توفر الاحتياجات اللازمة لضعفاء البصر وغياب الدور الفعال للقطاع الخاص في هذا المجال.
مواجهة التحديات
ولمواجهة التحديات التي يمثلها ضعف البصر في المجتمع لا بد من قيام منظومات متكاملة للعناية بضعف البصر تضم العيادة ومرافقها اللازمة والكادر المتخصص في مدن المملكة الرئيسية على الأقل ضمن مشروع وطني للعناية بضعف البصر مع الاستفادة من التجارب والخبرات السابقة في المجال مثل مركز ضعف البصر بحي الدوحة بمدينة الظهران الذي كان يعمل في التسعينيات الميلادية ثم اغلق، وعيادة جمعية إبصار الخيرية لضعف البصر في الفترة ما بين 2005م إلى 2015م وحالياً عيادة ضعف البصر في قسم البصريات بجامعة الملك سعود.
وتابع بلو أن السعوديين لهم باع في مجال ضعف البصر مثل عضو مجلس الشورى – وأستاذ البصريات بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله العتيبي، والأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود بكلية العلوم الطبية التطبيقية واستشاري العناية الإكلينيكية بضعف البصر بعيادات جامعة الملك سعود الدكتور عصام الدهاش، وباحث الدكتوراه وأخصائي ضعف البصر الدكتور هاني الرحيلي، لافتا إلى أن لخدمة ضعف البصر “فلسفتين” سائدتين في العالم أحدهما تقديم خدمات ضعف البصر من خلال مستشفيات وعيادات الرعاية الصحية للعيون وتوفير فريق العمل المكمل للخدمة، والفلسفة الأخرى هو تأسيس مركز متكامل خاص بالعناية بضعف البصر وإعادة التأهيل بكادره المتكامل.
المياه البيضاء
هي غشاء يظهر تدريجيا ويتشكل على عدسة العين، وهو غير مؤلم، مما يؤدي لعدم وضوح الرؤية، وإذا لم يتم علاجها وتطورت قد تسبب العمى، وغالبا ما ترتبط بتقدم في العمر، لذا يصاب كبار السن بها أكثر من الشباب لكن أحيانا قد يصاب بها الشباب أيضا.
والسبب الدقيق لإعتام عدسة العين غير معروف، إلا أن هناك عوامل تزيد من خطورته مع تقدم العمر، وتتمثل في داء السكري ، التدخين، التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية لفترات طويلة، ارتفاع ضغط الدم، البدانة.
مواجهة تحيات الإعاقة
وعن افضل السيناريوهات لمواجهة تحديات الإعاقة البصرية قال أرى إن الفلسفة الثانية المتمثلة في تأسيس مركز متكامل خاص بالعناية بضعف البصر وإعادة التأهيل بكادره المتكامل هي الأنجع لتقديم الرعاية الشاملة للعناية بالإعاقة البصرية والإعاقات المصاحبة لها حيث أن هناك نسب تتراوح ما بين 10 إلى 20% لديهم إعاقات إضافية تستلزم خدمات لا يمكن تقديمها في مستشفيات العيون الاعتيادية أضف إلى ذلك احتياجات خدمات التدخل المبكر للرضع والأطفال من ذوي الإعاقة البصرية.
ونوه بلو أن الرعاية الشاملة تتمثل في تجهيز عيادة ضعف بصر مجهزة بكل لوازم الفحوصات الإكلينيكية بضعف البصر من لوحات قياسات ومكبرات ومناظير بأنواعها وإضاءات والتقنيات المساندة، يديرها استشاري أو أخصائي ضعف بصر حاصل على تدريب في العناية الإكلينيكية بضعف البصر وإعادة التأهيل، يعمل على أخذ النبذة التاريخية للمريض لتحديد مشاكل الرؤية ثم قياس حدة الابصار ومجال الرؤية لتحديد الوظائف البصرية التي بإمكان ضعيف البصر القيام بها باستخدام المعينات البصرية المناسبة على ان يواكب ذلك تقديم الارشادات والاستشارات للمريض وأسرته وبرامج إعادة التأهيل والتدريب الالحاقي اللازم على استخدام المعينات البصرية والعلاج الوظيفي وتوفير آلية لتمكين المريض من اقتناء المعينات البصرية والأجهزة التعويضية اللازمة.