اجتماعية مقالات الكتاب

نظري ستة على ستة !!

في بيت تسكنه خفافيش الظلام وزواياه وأسقفه صلبة ولكن أعمدته الأسرية هاوية مفككة ووسط هدوء قاتل خارج عن المألوف.
الأم مشغولة البال في عالم الازياء والماركات ، وذلك الأب كل همه وشغله الشاغل اللهث وراء جمع الأموال.
وفي تلك الغرفة كانت هي في عالم آخر تائهة تبحث عن من يأخذ بيدها وأن كان في الظلام. .

نشأت ميعاد كأي فتاة مرفهة تحمل السعادة في كف وتحمل في الكف الآخر الفجوة الأسرية التي جعلت منها إنسانة منطوية على نفسها كل همها ذلك الجهاز وتلك النظارة التي ترتديها دائما ترافقها كروح ثانية لها ، ميعاد نظرها سليم ولا تحتاج إلى نظارة فنظرها ستة على ستة ولكن ذلك الخوف الذي يسكن داخلها جعلها تتقمص شخصية إنسانة ضعيفة الأبصار حتى تشوه جمال وجهها بتلك النظارة لأن مكامن الخوف في داخلها هي من دفعتها ترتدي تلك النظارة ورغم ملاحظة الجميع ارتداءها تلك النظارة الا انهم كالعادة كل في فلك يسبحون، الكل توقعوا ضعف الإبصار عند ميعاد ولكن لم يفكروا مجرد سؤالها عن سبب إرتدائها المفاجىء لتلك النظارة.

وليتهم علموا أن النظارة كانت حماية لميعاد ليس من ضعف البصر التي لم تشتكه قط ولكن من ذئاب تلتف حولها ينظرون اليها فريسة سهلة لهم .

عندما شعرت ميعاد بوخز من حروف الحنان والحب على قلبها وهي طالبة جامعية خافت على نفسها أن تستسلم لتلك الوخزات وتستمتع بها ، فبدأت تنسحب من عالم الوخزات القلبية التي سببها فقدان الحنان والحب والاهتمام من الوالدين .
فما كان طريق الانسحاب لها والحماية من تلك المعركة إلا أن توهم من حولها بأنها ترتدي نظارة لأنها ضعيفة بصر والصحيح أنها ترتديها حتى لا ترى بها العالم الآخر الذي يؤذيها وحماية لها من أن تكشف عيناها أسرارها فحديث العيون في كثير من الأحيان يكشف عن خبايا إنسان .

وفي كل يوم تشرق الشمس على روائع لوحات الدنيا هنالك عصفور يلحن معزوفته وهنالك ورد يصافح نسائم الصباح ولكن تلك الشمس التي تشرق في حياة ميعاد ماهي إلا إشراقة على خفايا في داخلها تخطها في كل يوم بحبر الألم وسطور الأنين ونظارة الإخفاء.

حتى جاء اليوم الذي باحت فيه بالمكنون الذي تخفيه عندما وجدت من تصافح مسامعها لحديثها ووجدت من تقول لها نظري ستة على ستة؟ !

وهنا توقفت ميعاد عن حياكة ثوب الحزن الذي ترتديه خلف نظاراتها الوهمية فقد تمزق الثوب شيئا فشيئا حتي تلاشى ولكن بقي أثر تمزقه في داخلها في خيوط الألم التي تعيشها لوحدها كل مساء برفقة نظارتها.
ومازالت ميعاد مشرٌعة أبواب حزنها ومازال خلف تلك الأبواب المئات ممن هم نسخة من حروف ميعاد.
فإلي كل الآباء والامهات

أطرقوا أبواب الحب وأفتحوا نوافذ الاهتمام لأبنائكم، لاتتركوا ابوابهم تستقبل زوار الظلام وقتلة الآمال .
هنا أترككم مع صوت حرفي وحديث سرى عبر حبر أوراقي وخاطب فيكم الأرواح الراقية والعقول الواعية.
• كاتبة سعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *