عواصم ــ وكالات
حذرت قوات سوريا الديمقراطية من أن قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها من سوريا، سيعطي تنظيم داعش الإرهابي زخما للانتعاش مجددا، وشن هجمات معاكسة، بعد طرده من مساحات واسعة في البلاد.
وأفادت قيادة هذه القوات التي تضم وحدات حماية الشعب الكردية، في بيان، أن القرار “سيؤثر سلبا على حملة مكافحة الإرهاب على حد قوله .
وأضاف البيان أن “معركة مكافحة الإرهاب لم تنته بعد بالرغم من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب “دحر” التنظيم المتشدد.
وذكرت قوات سوريا الديمقراطية، أن سحب القوات والمسؤولين الأمريكيين من منطقتها ستكون له “تداعيات خطيرة على حد تعبيرها .
وينتشر حاليا نحو ألفي جندي أميركي في شمال سوريا، لا سيما من القوات الخاصة التي تشارك وتنسق القتال ضد تنظيم “داعش” وتدرب قوات سورية وكردية في المناطق المسترجعة منه.
وتخوض هذه القوات منذ سبتمبر وبدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية معارك عنيفة ضد التنظيم الإرهابي ، في آخر جيب له على الضفاف الشرقية لنهر الفرات في محافظة دير الزور (شرق)، كما تتصدى “لخلايا نائمة” في مناطق واسعة تمكنت من استعادتها في شمال وشرق البلاد.
هذا فيما تصنف تركيا الوحدات الكردية على قائمتها للمنظمات “الإرهابية”، وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حروبا ضدها على أراضيها منذ عقود، لكنها تجنبت قتالها لتفادي الاصطدام بالقوات الأميركية.
ولطالما هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن هجوم على المقاتلين الأكراد، مطالبا بانسحابهم من مناطق عدة، لا سيما الضفاف الشرقية لنهر الفرات، حيث الجيب الأخير للتنظيم.
وفى سياق متصل حذرت صحف أمريكية كبرى من أن سحب قوات بلادهم من سوريا، بمثابة تخلٍ عن الحلفاء الرئيسيين هناك، ودعامة لوضع تنظيم “داعش” الإرهابي، الذي لايزال يسيطر على مساحات من الأراضي في جنوب شرق سوريا.
وقالت صحيفة “نيوريورك تايمز” الأمريكية: عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات من سوريا، تبنى تنظيم “داعش” مسؤولية التفجير الذي وقع في مدينة الرقة، وأسفر عن مصرع مقاتل من الأكراد.
وأضافت أنه كان هجومًا صغيرًا، لكنه كان بمثابة تأكيد على مخاطر هذا الانسحاب ومؤشر على تطلعات التنظيم لاستغلال الواقع الجديد في سوريا.
وقالت الصحيفة أن الانسحاب أيضًا يعطي تركيا إشارة البدء في تنفيذ تهديداتها باجتياح شمال شرقي سوريا، وسواء كان يمكن لتنظيم “داعش” إعادة تنظيم صفوفه بعد هزيمته بمعظم المناطق في العراق وسوريا، فالأكراد هم من سيحاصرون في وسط هذه الأزمة.
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قال في وقت سابق إن المسلحين الأكراد شرقي الفرات في سوريا “سيدفنون في خنادقهم في الوقت المناسب”، ونقلت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء عن أكار قوله: “أمامنا الآن منبج وشرقي الفرات. نعمل بشكل مكثف على هذه المسألة”.
من جانبها، قالت أصلي إيدنتاشباش الباحثة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، إن الولايات المتحدة على وشك ارتكاب خيانة تاريخية ثانية في حق الأكراد، التي يمكن أن تؤدي إلى حرب مطولة داخل سوريا بين الأكراد والأتراك، الذين يعتبرونهم تهديدا على حكومتهم.
ورأى جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمجموعة الأزمات الدولية، أن القرار يمكن أن يكون “كارثيا” بالنسبة للقوات الكردية.
فيما رأت افتتاحية صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن ترامب من خلال هذا القرار يفي بالوعد الذي قطعه خلال حملته الانتخابية، لكن سيكون له عواقب وخيمة فيما يتعلق بالاستراتيجية الإيرانية.
وأشارت الصحيفة إلى التغريدة التي كتبها ترامب عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي”تويتر” قال فيها : “لقد هزمنا داعش في سوريا، وهذا السبب الوحيد لوجود (القوات الأمريكية) هناك خلال رئاسة ترامب”، معلقة “تم إنجاز المهمة؟ ليس بهذه السرعة”.
وفسرت “وول ستريت جورنال” سؤالها بالقول إن داعش لايزال يسيطر على أراض في سوريا والعراق، كما أعاد تنظيم صفوفه في شكل خلايا صغيرة تنتظر الفراغ العسكري للخروج للنور، لافتة إلى إعلان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما النصر على داعش في العراق وانسحابه من هناك، واستغلال التنظيم هذا الفراغ.
كما رأت الصحيفة أن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيتسبب في تراجع كبير في قدرتها على التوصل لحل دبلوماسي للحرب الأهلية هناك، مشيرة إلى أنه يمكن لواشطن التقدم بشكاوى في الأمم المتحدة ومنع أموال إعادة بناء البلاد، لكن الحقائق على أرض الواقع تتخطى هذا بكثير، خاصة بالنسبة لإيران التي ستستغل جنوب سوريا كقاعدة عمليات.
الى ذلك وفي رد على الإعلان الأميركي الانسحاب من سوريا بعد هزيمة داعش، أكدت كل من بريطانيا وفرنسا أن العمل ضمن قوات التحالف الدولي لم ينته بعد في سوريا.
وأعلنت الوزيرة الفرنسية للشؤون الأوروبية ناتالي لوازو أن فرنسا “تبقى” ملتزمة عسكريا في سوريا وذلك بعد اعلان الرئيس دونالد ترامب عن سحب قواته من هذا البلد. وقالت الوزيرة لشبكة “سي نيوز” رداً على سؤال حول قرار الانسحاب الأميركي “في الوقت الراهن، نبقى في سوريا”.
في حين قالت بريطانيا إن تنظيم داعش لا يزال يمثل تهديداً حتى وإن كان لا يسيطر على أراض، وذلك تعليقاً على إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أن التنظيم مني بالهزيمة في سوريا.
وأوضحت في بيان بعد أن بدأت الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا “لا يزال يتعين عمل الكثير، ويجب ألا نفقد رؤية الخطر الذي يشكله التنظيم.. داعش، حتى وإن كان بلا أراض، سيظل تهديداً”. وأضافت “كما أوضحت الولايات المتحدة، هذه التطورات في سوريا لا تشير إلى نهاية التحالف العالمي أو حملته.. سنواصل العمل مع الدول الأعضاء في التحالف من أجل تحقيق هذا”.