أعربت المملكة العربية السعودية عن أسفها حيال ما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة من خطوات تصعيدية تمس أمن حدودها الجنوبية، مؤكدة رفضها لأي تحركات عسكرية تخرج عن إطار تحالف دعم الشرعية في اليمن. وجاء البيان في سياق توضيح موقف المملكة من التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، والتأكيد على ثوابتها في حماية أمنها الوطني، ودعم أمن واستقرار اليمن، والدعوة إلى الحل السياسي الشامل باعتباره السبيل الوحيد لمعالجة الأزمة اليمنية.
وقالت وزارة الخارجية في بيان لها اليوم: “إلحاقًا للبيان الصادر عن وزارة الخارجية بتاريخ 5 / 7 / 1447هـ الموافق 25 / 12 / 2025م بشأن ما بذلته المملكة من جهود صادقة، بالعمل مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، لإنهاء ومعالجة الخطوات التصعيدية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، وإشارة إلى بيان مجلس القيادة الرئاسي اليمني، والبيان الصادر عن قيادة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بشأن تحرك سفن محملة بالأسلحة والعربات الثقيلة من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على تصاريح رسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف.
وأضافت: “تعرب المملكة العربية السعودية عن أسفها لما قامت به دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة، التي تعد تهديدًا للأمن الوطني للمملكة، والأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية والمنطقة، وتشير إلى أن الخطوات التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة تعد بالغة الخطورة، ولا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا تخدم جهوده في تحقيق أمن اليمن واستقراره. وتؤكد المملكة في هذا الإطار بأن أي مساس أو تهديد لأمنها الوطني هو خط أحمر لن تتردد المملكة حياله في اتخاذ كافة الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهته وتحييده. كما تؤكد المملكة التزامها بأمن اليمن واستقراره، وسيادته، ودعمها الكامل لفخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي وحكومته، وتجدد في هذا الإطار تأكيدها أن القضية الجنوبية هي قضية عادلة، لها أبعادها التاريخية، والاجتماعية، وأن السبيل الوحيد لمعالجتها هو عبر طاولة الحوار ضمن الحل السياسي الشامل في اليمن، الذي ستشارك فيه كافة الأطياف اليمنية بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي”.
وأكد البيان أن “المملكة تشدد على أهمية استجابة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لطلب الجمهورية اليمنية بخروج قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية خلال أربع وعشرين ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن، وتأمل المملكة في هذا الإطار أن تسود الحكمة وتغليب مبادئ الأخوة، وحسن الجوار، والعلاقات الوثيقة التي تجمع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومصلحة اليمن الشقيق، وأن تتخذ دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة الخطوات المأمولة للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والتي تحرص المملكة على تعزيزها، والعمل المشترك نحو كل ما من شأنه تعزيز رخاء وازدهار دول المنطقة واستقرارها”.
ويمثل قيام الجانب الإماراتي بممارسة ضغوط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي للدفع بها نحو تنفيذ عمليات عسكرية على امتداد الحدود الجنوبية للمملكة تهديدًا مباشرًا لأمن المملكة الوطني، كما يشكل عاملًا مقلقًا لأمن واستقرار الجمهورية اليمنية، ويتعارض بصورة واضحة مع المبادئ والأسس التي تأسس عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن.
وأكدت المملكة أن أي اعتداء أو تهديد يمس أمنها الوطني يُعد خطًا أحمر، ولن تتهاون المملكة في التعامل معه، حيث ستتخذ جميع الخطوات والتدابير اللازمة لمواجهته والتصدي له بما يضمن حماية أمنها وسيادتها، مشددة على ضرورة استجابة دولة الإمارات لمطلب الحكومة اليمنية الشرعية القاضي بانسحاب قواتها العسكرية من الأراضي اليمنية خلال مهلة لا تتجاوز أربعًا وعشرين ساعة، إلى جانب الوقف الفوري لأي أشكال من الدعم المالي أو العسكري المقدَّم لأي طرف داخل اليمن، أياً كان.
وأعربت المملكة عن تطلعها إلى أن تسود الحكمة، وأن يتم تغليب مبادئ الأخوة وحسن الجوار، وصون العلاقات الوثيقة التي تربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بما يخدم مصلحة اليمن الشقيق، مع اتخاذ الخطوات المأمولة التي من شأنها الحفاظ على العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأكدت المملكة أن القضية الجنوبية تُعد قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها في أي تسوية سياسية مقبلة، كونها جزءًا أصيلًا من مخرجات الحوار الوطني اليمني، وعنصرًا أساسيًا في أي عملية سياسية مستقبلية، إلا أن هذه القضية تظل شأنًا يخص الشعب الجنوبي بكافة مكوناته، ويجب معالجتها عبر التوافق والالتزام بالاتفاقات، وبناء الثقة بين جميع أبناء الشعب اليمني.
وأوضحت المملكة أنها بذلت، منذ اندلاع الأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة، جهودًا مكثفة ومتواصلة مع مختلف الشخصيات والأطراف المؤثرة في الحكومة اليمنية، بما في ذلك محافظ محافظة حضرموت، ومشايخ القبائل، وقيادات المحافظتين، وذلك بهدف احتواء التوتر وتهدئة الأوضاع وتعزيز الأمن والاستقرار في تلك المناطق.
وبيّنت المملكة أن اتفاق الرياض قد كفل مشاركة أبناء الجنوب في السلطة، وفتح آفاقًا حقيقية نحو التوصل إلى حل عادل لقضيتهم من خلال الحوار والتوافق، كما رحبت المملكة بقرار نقل السلطة الذي أتاح للجنوبيين دورًا فاعلًا في مؤسسات الدولة، وأسهم في ترسيخ مبدأ الشراكة الوطنية كبديل عن الإقصاء أو فرض الأمر الواقع بالقوة.
وأكدت قيادة المملكة العربية السعودية – أيدها الله – أن مساعيها تنصب على تحقيق السلام والأمن والاستقرار والازدهار في اليمن، والعمل على نقله من مرحلة الصراعات والنزاعات إلى مرحلة يسودها الأمن والاستقرار، مع التركيز على تلبية تطلعات الشعب اليمني نحو مستقبل أفضل يقوم على الرخاء والتنمية والتكامل الاقتصادي.