السياسة

ترحيب إقليمي ودولي بالمبادرة.. سياسيون مصريون: ولى العهد يحدث اختراقاً لحل أزمة السودان

محمد حفني (القاهرة)
شهدت المبادرة السعودية – الأمريكية؛ لإنهاء الأزمة السودانية ترحيباً إقليمياً ودولياً واسعاً؛ باعتبارها بارقة أمل، قد تنقذ السودان من الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، وما خلّفته من مآسٍ إنسانية جسيمة، شملت تشريد وقتل الآلاف وانهيار الاقتصاد وتعطل الدور الإقليمي للخرطوم. ويؤكد مراقبون أن المبادرة تمثل تحولاً مهماً قد يضع السودان على طريق العودة للمشهد السياسي العربي والدولي، وأنها تشكل فرصة حقيقية لوقف إطالة أمد الصراع.
ويرى خالد محمد علي، نائب رئيس تحرير جريدة “الأسبوع” والخبير بالشؤون السودانية، أن طرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للأزمة السودانية خلال لقائه الأخير مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، يعكس اهتمام المملكة العميق بهذا البلد الشقيق، الذي تمزقه الحرب منذ سنوات. وأشار إلى أن الرياض كانت قد نجحت في إطلاق “منبر جدة” العام الماضي؛ باعتباره أكبر منصة إقليمية للوساطة، واضعةً خارطة طريق واضحة للحل، لولا رفض قوات الدعم السريع الالتزام بالانسحاب من المدن والمنشآت الحيوية، كما نصّت بنود الاتفاق.
ويؤكد خالد علي أن تدخل الرئيس الأمريكي في الأزمة، بناءً على ما قدمه ولي العهد من توضيحات حول خطورة الوضع، يعكس المكانة التي باتت المملكة تتمتع بها دولياً، وقدرتها على التأثير في صناعة القرار العالمي. كما يدل على نجاح الدبلوماسية السعودية في خلق مساحات أوسع للتحرك؛ بهدف إنهاء أزمات المنطقة، وإعادة بناء الاستقرار السياسي والأمني فيها.
ويشير نائب رئيس تحرير جريدة “الأسبوع” إلى أن التحديات داخل السودان كبيرة، وعلى رأسها كثرة الانقسامات بين النخب السياسية؛ إذ يتنازع المشهد أكثر من 108 أحزاب، إضافة إلى ثلاث كتل رئيسية: كتلة”صمود” بقيادة رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، وكتلة “تأسيس” التي أعلنت مؤخراً حكومة موازية في نيالا. ورغم ذلك، يرى أن المبادرة السعودية – الأمريكية قادرة على التعامل مع هذه التعقيدات، وخلق إطار جامع للحل.
ويؤكد خالد علي أن ولي العهد لعب سابقاً أدواراً بارزة في ملفات عربية؛ أبرزها الدفع بعودة سورية إلى محيطها السياسي، وترتيب لقاء جمع الرئيسين الأمريكي والسوري أحمد الشرع في واشنطن مؤخراً. ويرى أن الدعم المعلن من الرئيس ترامب لسرعة إنهاء الأزمة السودانية يشير إلى إصرار أمريكي – سعودي على إنجاح المبادرة، بعد فشل وساطات سابقة من الاتحاد الأفريقي والإيقاد وعدة دول أفريقية. ويختتم خالد حديثه بالقول: إن السعودية، بمكانتها السياسية والدينية، تملك القدرة على قيادة حل جذري للأزمة السودانية، خاصة بعد الجرائم والانتهاكات المروّعة التي شهدتها البلاد، مثل أحداث الفاشر، التي تضمنت حالات اغتصاب وقتل وتعليق على الأشجار ودفن أحياء. وأشار إلى أن مبادرة الأمير محمد جاءت عقب اتصال مباشر مع البرهان، الذي بارك الخطوة، متوقعاً أن يعود”منبر جدة” ليكون مفتاح الحل النهائي.
من جانبه، أوضح مدير منتدى الدراسات السياسية والاجتماعية عبد الله حشيش، أن المبادرة السعودية – الأمريكية أحدثت اختراقاً حقيقياً، وأعادت إحياء منبر جدة. كما أحدثت – بحسب رأيه – تحولاً واضحاً في الموقف السوداني تجاه الرباعية الدولية (السعودية – مصر – الإمارات – أمريكا) التي تطالب بحل الأزمة بين الجيش والدعم السريع.
ويشير حشيش إلى أن السودان بات مهيأً أكثر من أي وقت مضى لإنجاح هذه المبادرة، خاصة مع بدء تحرك أمريكي فعلي بعد لقاء ولي العهد بالرئيس ترامب؛ بهدف منع تمدد المرتزقة والجماعات الإرهابية. ويرى أن تحرك الرياض يعد خطوة مهمة لإفشال مخططات الفوضى التي تستهدف دول المنطقة، والانتقال لاحقاً إلى ترتيب مرحلة سياسية جديدة، تضمن رضا الأطراف السودانية كافة.
وفي السياق ذاته، يؤكد الخبير الإستراتيجي اللواء ممدوح الإمام، أن الإعلان العلني عن المبادرة يعكس تصميم ولي العهد على إنهاء الصراع في السودان ووقف نزيف الدم، وإعادة السودان دولة قوية ذات سيادة. ويحذر الإمام من أن استمرار الحرب سيؤدي حتماً إلى تقسيم السودان وتشريد الملايين وزيادة الفقر والبطالة وانهيار الاقتصاد، وهو ما يدركه الأمير محمد بن سلمان بوضوح، ما يجعل هذه المبادرة نقطة تحول قد تغيّر مسار الأحداث داخلياً وإقليمياً ودولياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *