حين نحب أو نهتم بشخص ما يتسلل إلى ذهننا فكرة أنه ربما يفكر بنا أيضًا، وهذا التساؤل ليس مجرد فضول عابر؛ بل هو تجربة إنسانية عميقة تمس شعورنا بالارتباط والانتماء؛ فالعقل يميل لتضخيم إشارات صغيرة، كرسائل قصيرة أو نظرات عابرة لتبدو وكأنها دليل على تفكير متبادل، لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا، فعلميًا لا يوجد دليل مباشر يثبت أن التفكير في شخص معين يعني أن هذا الشخص يفكر فيك في الوقت نفسه، لكن العقل البشري يعمل بشكل مستقل، وما نفكر فيه نحن لا ينعكس تلقائيًا في ذهن الآخرين، الدراسات النفسية تؤكد أن توقعاتنا تجاه الآخرين تتشكل على أساس خبراتنا الشخصية، وطريقة تفسيرنا للإشارات الاجتماعية، لكن بالرغم من ذلك إلا أن هناك ظاهرة تعرف باسم “التطابق الانفعالي”، حيث يمكن للمشاعر والطاقة التي نرسلها أن تستقبل من الآخرين، ما يجعلنا نشعر أحيانًا بأن تفكيرنا متبادل، على سبيل المثال حين نشعر بالحنين أو القلق تجاه شخص ما قد يلاحظ تغيرات طفيفة في سلوكنا، أو تواصلنا وقد يرد بطريقة تعطي إحساسًا بالاهتمام المتبادل، حتى لو لم يكن التفكير متزامنًا فعليًا، التفكير في شخص ما يعكس غالبًا رغبتنا في القرب أو التواصل وليس بالضرورة انعكاسًا لرغبته فينا، فالعقل يميل لربط الأحداث العاطفية بطريقة تجعلها تبدو متزامنة، ما يفسر تفسير الإشارات الصغيرة كدلائل على تفكير متبادل، التفكير في شخص ما لا يعني بالضرورة أنه يفكر فيك، لكن المشاعر المشتركة والتفاعل الاجتماعي يمكن أن يخلق إحساسًا بالارتباط العاطفي ومن المهم الحفاظ على الوعي العاطفي وتمييز الشعور عن واقع الآخرين، فالحب والاهتمام يبدأ بالوعي الذاتي قبل أن يعتمد على ردود أفعال الغير.
NevenAbbass@
