تعد تخطي عتبة التردد في اتخاذ القرار لحظة فاصلة في حياة الإنسان؛ إذ تحدد مسار الأحداث القادمة، وتفتح أبوابًا جديدة من الفرص أو التحديات. في هذه اللحظة، يقف الفرد أمام خيارات متعددة، بعضها مغرٍ وبعضها محفوف بالمخاطر، ويشعر بثقل المسؤولية الناتج عن احتمالات النتائج المختلفة. إدراك هذه العتبة والتعامل معها بوعي، يمثل خطوة أساسية نحو اتخاذ قرارات ناضجة تؤثر على المستقبل بشكل إيجابي.
تتسم هذه العتبة بالغموض أحيانًا، لأن العقل والمشاعر يتنافسان في هذه اللحظة. من جهة، يرغب العقل في تحليل جميع الاحتمالات بعناية، بينما تميل المشاعر إلى الانجراف وراء الرغبات أو المخاوف. القدرة على التوازن بين المنطق والعاطفة، تعد من أهم مهارات الشخص في تجاوز هذه العتبة بنجاح. فالحكمة ليست في تجاهل العواطف، بل في فهمها واستثمارها في اتخاذ القرار الصائب.
كما أن التحليل الجيد للمعلومات والظروف المحيطة بالقرار، يساعد على تقليل المخاطر وزيادة فرص النجاح؛ فدراسة النتائج المحتملة لكل خيار، والتفكير في العواقب طويلة المدى، تضع الفرد في موقع أقوى لمواجهة أي صعوبات لاحقة. كما أن الاستشارة وطلب النصيحة من ذوي الخبرة، يمكن أن تكون أداة فعالة لتوسيع منظور الشخص، وإعطائه رؤى جديدة لم يكن قد أخذها بالحسبان.
وفي كثير من الأحيان، يتعين على الفرد أن يتحلى بشجاعة التخلي عن الراحة أو المألوف، والمخاطرة بما قد يبدو غير مؤكد. فالتردد أو التسويف قد يؤديان إلى ضياع الفرص، بينما الجرأة المدروسة تعزز من نمو الفرد وتطور خبراته. اتخاذ القرار الصحيح ليس مجرد اختيار مسار محدد، بل هو عملية تعلم مستمرة تبني الشخصية، وتزيد من القدرة على مواجهة المستقبل بثقة.
ولا يخفى علينا أن اتخاذ القرار يمثل نقطة التقاء بين الإمكانيات والتحديات، بين الخوف والطموح، بين الماضي والمستقبل. إدراك هذه اللحظة والاستعداد لها يجعل الشخص أكثر قدرة على اتخاذ خيارات واعية ومسؤولة. ومع كل قرار يتخذه الإنسان بحكمة وشجاعة، ينمو ويدرك أن الحياة ليست مجرد مجموعة من الصدف، بل نتاج اختياراته المستمرة وجرأته على مواجهة العتبات الصعبة بثقة وإصرار.
fatimah_nahar@
