مقالات الكتاب

حين تنطفئ الأضواء وتبقى أنت

في زحمة الحياة، يعتاد بعضنا أن يعيش على تصفيق الآخرين، كأنّ نبضه لا يتحرك إلا حين يسمع المديح. يراقب وجوههم ليعرف قيمته، وينتظر كلماتهم ليطمئن إلى نفسه. لكنه لا يدرك أن هذا الانتظار الطويل يُطفئه ببطء، لأن الضوء الذي يأتي من الخارج لا يدوم، بينما النور الحقيقي لا يولد إلا من الداخل.
السعادة ليست مرآة يحملها الآخرون لنراك جميلاً، بل هي نبع خفيّ يسكن صدرك، لا يسمعه أحد سواك. إن عشت تنتظر اهتمام الناس، ستظل عطشانًا مهما أُغدقت عليك كلمات الإعجاب، لأن المديح لحظة، أما الرضا عن الذات فهو عمر.
حين تتصالح مع نفسك، وتدرك أنك لست في سباق مع أحد، تُصبح حراً. لا يهمك من يراك ولا من يغيب عنك. فالقيمة لا تُستمد من نظرات الناس، بل من يقينك أنك كائن جميل بما تحمل، لا بما يُقال عنك.
اجعل ميزانك داخلك، وقرارك منك، وسلامك فيك. لا تبحث عن نفسك في قلوب الآخرين، فقد يضيعك ازدحامها. كن لنفسك وطنًا، ولروحك مأوى، ولحياتك معنى.
في النهاية، لا يذكُر الناس من كنتَ أمامهم، بل ما كنت عليه حين غابوا عنك.
والسعادة – صدقًا – ليست ما يُمنح، بل ما يُبنى بهدوء في أعماقك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *