مقالات الكتاب

محتوى إعلامي هادف لمجتمع فاضل

من التصريحات التي وقفت عندها، ذلك التصريح الذي صدر مؤخراً عن مصدر مسؤول في الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، الذي أكد فيه أن الضوابط الخاصة بالمحتوى الإعلامي قد شددت على الالتزام بمعايير تحافظ على الذوق العام والقيم الاجتماعية، مشيراً إلى أن المخالفات تشمل عدة ممارسات محظورة. الخطوة تأتي في إطار مسعى بغية تنظيم الفضاء الرقمي والإعلامي ليتسق مع الهوية الوطنية، ويصون القيم الأخلاقية والاجتماعية وغيرها.
وفي ظل طوفان المعلومات في عصرنا الراهن المتسم بتسارع أحداثه وقضاياه المتعددة على كافة الأصعدة، تأتي ضرورة الاهتمام بنشر المحتوى الإعلامي الهادف، الذي يزود الكثيرين بالمعارف والخبرات عبر القنوات الإعلامية أو مواقع التواصل الاجتماعي؛ لذا يتوجب التركيز على مضمون الرسالة الإعلامية، وما تنطوي عليه من أهداف مثلى. وللأسف فإن بعض مواقع التواصل الاجتماعي حادت عن دورها المأمول لبناء المجتمعات الفاضلة بقيم وثقافة وأخلاق نبيلة وأضحت تضج بالغثاثة والتفاهة والعبث والسخافة والتحريض والخداع، فبدلاً من أن تكون تلك المواقع رافعة للوصول إلى المجتمع الفاضل؛ إذ بها تنحدر به إلى درك أسفل من الممارسات السلبية.
ومن صور المخالفات على شبكات التواصل الاجتماعي استخدام اللغة الهابطة والإسفاف، والتفاخر بالأموال والممتلكات ونشرالمشكلات الأسرية وانتهاك خصوصيات الآخرين والتنمر والإساءة وازدراء وابتزاز الآخرين، ونشر المحتوى الزائف عمداً؛ لتضليل المتلقين أو لإقناعهم بفكرة أو رأي محدد، أو للإساءة لشخص أو جهة ما، والمحتوى المعزو إلى شخصيات لا صلة لها به، وانتحال الشخصية وعملية الغش بالمعلومات، واجتزاؤها من مضمونها، وتأويلها إلى أغراض ومآرب جديدة والتحايل في المحتوى بوضع عناوين خادعة، ووضع صور لا علاقة لها بالموضوع وتهويل الأحداث عبر عمليات الخداع و”الفبركات”؛ كوصل حدث راهن بأحداث قديمة، أو أحداث وقعت في أماكن نائية، وهو ما يعرف بخدعة الزمان والمكان، وعدم الاكتراث بالذوق العام وإلقاء التهم جزافاً على فرد أو جماعة دون بينة أو دليل.
هنالك الأنظمة الكفيلة بتنظيم المحتوى الإعلامي، ومراقبة ومعاقبة مخالفيه، كما تضطلع الهيئة العامة لتنظيم الإعلام بمهام كبيرة ورائدة؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: مراقبة جميع مقدمي خدمات البث والمحتوى الإعلامي؛ للتأكد من تقيدهم بالأنظمة وتنفيذ شروط وأحكام التراخيص الصادرة لهم، ودعم البحوث والدراسات وإجراؤها … و…….. من المهام الأساسية، وبجانب ذلك تبقى أهمية التأهيل لصناع المحتوى بحسبانهم شركاء أصليين في عملية بناء المجتمع السليم، بخضوعهم لدورات في هذا الجانب؛ بحيث يكونون قادرين على فرز الخاص من العام والمحظور من المسموح، والأخلاقي من اللا أخلاقي ومراعاة الذوق العام وكافة قيم وثقافة المجتمع، بحيث تكون لديهم رقابة “ذاتية” تتوخى الدقة والمصداقية ونشر المحتويات ذات الأهداف السامية؛ لترسيخ الوعي السليم للمجتمع خدمةً لخطوات التنمية المستدامة التي تتنظم الوطن.

باحثة وكاتبة سعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *