مقالات الكتاب

الاعتلال النفسي والاضطرابات العصبية المرتبطة به

الاعتلال النفسي هو حالة معقدة متعددة الأوجه؛ حيث يتميز بمجموعة من السمات العاطفية والتفاعلية، كنقص التعاطف أو الشعور بالذنب أو الندم، بالإضافة إلى الاندفاعية والجاذبية السطحية، بالرغم من الفهم الواسع لتقييم الاعتلال النفسي، إلا أنه لا يزال هناك فجوة كبيرة في فهم الاضطرابات العصبية المرتبطة بهذا الاضطراب النفسي الحاد، الذي يقدر بأنه يصيب حوالي 1% من سكان العالم. التعمق في الأسس العصبية الحيوية للاعتلال النفسي يتم من خلال دراسة ثلاث مناطق حيوية في الدماغ؛ وهي اللوزة الدماغية والقشرة الجبهية والهياكل شبه الحوفية الممتدة، حيث تلعب كل من هذه المجالات دورًا محوريًا في التشوهات السلوكية والعاطفية التي لوحظت في الأفراد ذوي السمات النفسية المرضية، إحدى المناطق الرئيسية المتأثرة في أدمغة الأفراد الذين يظهرون سماتٍ نفسية هي اللوزة الدماغية، وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة المشاعر كالخوف والقلق. المصابين بالاعتلال النفسي يظهرون نشاطًا ضئيلًا في اللوزة؛ ما قد يفسر استجاباتهم الخافتة للخوف وضعف قدرتهم على إدراك الضيق لدى الآخرين، ويعد هذا الخلل الوظيفي بالغ الأهمية في فهم سبب انخفاض حجم المناطق الأمامية من الدماغ لدى الأفراد المصابين باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع بنسبة 18% تقريبًا، عند تعرض المصابين بالاعتلال النفسي لصور تظهر وجوهًا مخيفة أو انتهاكات أخلاقية ينخفض نشاط اللوزة الدماغية بشكل ملحوظ مقارنةً بالأفراد غير المصابين بالاعتلال النفسي، ويبرز هذا النقص في الاستجابة الانفصال العاطفي، وعدم الحساسية الأخلاقية وهما من السمات المميزة للاعتلال النفسي؛ ما يقدم تفسيرًا عصبيًا بيولوجيًا لهذه السمات السلوكية، من المناطق الحرجة الأخري المتورطة في الاعتلال النفسي، هي قشرة الفص الجبهي التي تلعب دورًا أساسيًا في الوظائف التنفيذية مثل مراقبة السلوك، وتقييم النتائج، ودمج العواطف في عمليات صنع القرار، غالبًا ما يظهر المصابون بالاعتلال النفسي انخفاضًا في حجم قشرة الفص الجبهي، ما يضعف بشدة قدرتهم على التعلم من التجارب العاطفية، وبالتالي يؤثر على اتخاذهم للقرارات المستقبلية، وقد يدفع هذا النقص المصابين بالاعتلال النفسي إلى التقليل المستمر من عواقب أفعالهم، حيث لا يستطيعون معالجة ردود الفعل العاطفية ودمجها بشكل كامل، وكلما زاد الخلل الوظيفي في هذه المنطقة زادت شدة السلوك النفسي، حيث يتسبب بانخراط الأفراد المصابين في سلوكيات متهورة وغير مسؤولة دون مراعاة النتائج السلبية المحتملة، يتجاوز الخلل في الدماغ السيكوباتي الجهاز الحوفي، ليصل إلى المناطق المجاورة له، والتي تعرف مجتمعةً بالجهاز شبه الحوفي، حيث ترتبط هذه المناطق بمجموعة أوسع من الوظائف الإدراكية، بما في ذلك معالجة الذاكرة والتجارب، المصابين بالاعتلال النفسي يعانون من انخفاض في المادة الرمادية داخل هذه المناطق، ما يسهم في حدوث تشوهات في الذاكرة والإدراك، وقد يفسر هذا الانخفاض في حجم الدماغ سبب معالجة المصابين بالاعتلال النفسي للذكريات بطريقة مختلفة جذريًا، حيث غالبًا ما ينظرون إلى دورهم في الأحداث الماضية بانفصال أو تحريف، ويمكن أن تعزى الفجوة العاطفية الملحوظة لدى الأفراد المصابين بالاعتلال النفسي إلى ضعف قدرة هذه المناطق الدماغية، ما يعقد قدرتهم على التواصل مع الآخرين وفهم الأهمية العاطفية لتجاربهم، وكلها تؤدي إلى العجز العاطفي وضعف اتخاذ القرار والتشوهات المعرفية الملحوظة لدى الأفراد المصابين بالاعتلال النفسي.

NevenAbbass@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *