مقالات الكتاب

قلق صافرة وطموح المونديال

تتجه أنظار الجماهير العربية عامة والسعودية والعراقية على وجه الخصوص، إلى المواجهة المرتقبة التي تجمع المنتخبين الأخضر السعودي ونظيره العراقي، في لقاء مفصلي وحاسم ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026م. مباراة لا تحتمل أنصاف الحلول، ولا مكان فيها للأخطاء أو المجاملات، فالفائز فيها يضع قدماً ثابتة في المونديال، بينما الخاسر سيدخل في دوامة الحسابات المعقدة.
المنتخب السعودي يدخل اللقاء مدججاً بالعزيمة والرغبة في مصالحة جماهيره بعد الأداء المتذبذب في مشوار التصفيات، ويعلم لاعبوه أن كل دقيقة في المباراة قد تصنع مجداً أو تكتب نهاية حلم. فالمسؤولية جسيمة والطموح لا سقف له، خصوصاً أن الأخضر يملك إرثاً عريقاً في التصفيات المونديالية، ويُعد أحد أبرز المنتخبات الآسيوية حضوراً في النهائيات.
في المقابل، يحضر المنتخب العراقي بكل ثقله المعنوي والفني، مدفوعاً بجماهيره العاشقة وطموحه الكبير للعودة إلى الواجهة العالمية بعد غياب طويل. فالعراق الذي يعيش فترة استقرار فني بقيادة جهازه الوطني، يدرك أن مواجهة الأخضر تمثل له فرصة تاريخية لإثبات الذات، وتعزيز حضوره القاري، لاسيما أن اللقاء يجمع منتخبين يملكان الإرث والتاريخ والعزيمة ذاتها.
غير أن القلق الأكبر الذي يراود الجماهير السعودية لا يتعلّق فقط بقدرات المنتخب أو تحضيره، بل بصافرة اللقاء، بعد الإعلان عن تعيين الحكم الأردني أدهم مخادمة لقيادة المواجهة. فذاكرة المتابعين ما زالت تحفظ الكثير من اللقطات المثيرة للجدل في مباريات سابقة أدارها، سواء على الصعيد الآسيوي أو المحلي، لعل أبرزها تلك التي شهدت قرارات مؤثرة ضد الأندية السعودية؛ وعلى رأسها الهلال، الذي ذاق مرارة القرارات التحكيمية من ذات الاسم، وكذلك الحكم الكويتي أحمد العلي الذي أدار مواجهة الأخضر الأخيرة أمام إندونيسيا، التي اتسمت بالخشونة غير المبررة من الخصم، وسط تساهل مريب من الصافرة.
هذه الهواجس جعلت الجماهير السعودية ترفع شعار”اللهم سلّم”، فكل ما يخشاه عشاق الأخضر أن تكون القرارات التحكيمية عاملاً في تعطيل المسيرة المونديالية، خاصة في لقاء بحجم هذا الحدث. فالإنصاف داخل الميدان هو الركيزة الأهم في كرة القدم، وإذا غابت العدالة ضاعت المتعة، وتلاشت روح المنافسة الحقيقية.
رغم ذلك، يبقى الرهان الأكبر على نجوم الأخضر أنفسهم، وعلى قدرتهم في تجاوز أي عقبة كانت؛ فالتاريخ يذكر أن المنتخبات العظيمة لا تتعذر بالتحكيم، بل تصنع مجدها بالجهد والعطاء والانضباط. والأمل معقود على الجهاز الفني بقيادة رينارد في اختيار التشكيلة الأنسب. وتوظيف اللاعبين بطريقة تمنح السيطرة والاتزان، مع استثمار قدرات النجوم في خطي الوسط والهجوم لحسم المباراة مبكرًا وتجنب ضغوط الدقائق الأخيرة.
إنها مباراة الحسم، ومساء الحقيقة، لا صوت فيها يعلو على صوت الوطن، ولا مشهد يوازي فرحة التأهل. فكل سعودي اليوم يتطلع لأن يرى الأخضر يرفرف عاليًا في سماء المونديال، فالمجد لا يُمنح بل يُنتزع، والفرص لا تتكرر كثيرًا.
اللهم وفّق الأخضر، وأبعد عنه صافرة الظلم، وامنحه النصر الذي يليق بتاريخه ومكانته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *