حين يتعلق الأمر بما سيطحن في المعدة من أكل وشرب أساسيين لبناء الجسم وتقوية الفكر، فذاك هو استحقاق عالي المواصفات ومكتمل الخواص.
لقد تكدر خاطري حين جلست في أحد المقاهي لأتناول كوباً من القهوة التي أفضل، وشاهدت بأم عيني ما يؤذي البصر ويحوم الكبد، حين أقدم العامل – الذي أوكلت إليه مهمة التحضير – يتأبط جواله والسرد مع متحدثه دون مراعاة لشروط النظافة أو آداب الاستقبال ، ولكم ان تتصوروا كمية الرذاذ الذي خرج من فمه وسقط في الكوب الذي كان ينتظرني أن ارتشفه ،
وفي مشهد آخر بعيد عن بروتوكول الضيافة الجوية ، وأثناء سفري على إحدى شركات الطيران شاهدت إحدى المضيفات الحسناوات تستنشق الهواء بصعوبة وتعطس بالقرب من وجبات الركاب.، وهناك في داخل أحد المطاعم السريعة ، صادفت معلما للشاورما يؤدي عمله بكل دأب واخلاص ، لكنه كان يخنق الزبائن برائحة عرقه التي عبأت المكان ، وصدت عن الشهية . تلك هي بعض المناظر المؤذية التي تبدو للعيان ، أما في دهاليز المطابخ المغلقة ، فقد يكون الأمر أعظم وقد نشاهد بعض الحشرات الضارة ونصدم ببدائية التعقيم ورداءة الانتاج.
هناك حكمة تقول : « المعدة بيت الداء والحمية أصل كل دواء « ، فهي أكثر أعضاء الجسم تأثراً بالظواهر المرضية، فكيف نقهرها بما هو غير لذيذ، وكيف نحشوها بالأطعمة الدسمة كالمايونيز والمقليات ، ولماذا نتخمها بالمعجنات والحلويات ونتغافل في بعض الأحيان عن موضوع النظافة ومدة صلاحية الاستخدام ؟!.
تستحق المعدة أن نهدأ أنفسنا من أجلها كي لا تتشنج ، تستحق المعدة أن نضخ لها الأغذية الصحية والسوائل الكافية كي تمدنا بالطاقة والحيوية، تستحق المعدة أن لا نؤذيها بالمسكنات وما لف لفها من مخرشات ومنبهات ، تستحق المعدة أن تقيم في جوف خال من الشحوم والدهون حتى لا يصار إلى قصها أو تغيير مسارها . إنها المعدة التي أؤتمنا أن نحافظ عليها ونصون حقوقها .وقد قال فيها رسول الله : مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّأ مِنْ بَطْنٍه، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ ، فثلث لِطَعَامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ.