مقالات الكتاب

التقطيم

أحيانًا قد نظن أن التقطيم أو التقليل من الآخرين مجرد كلمات عابرة لا تترك أثرًا، لكنه في الحقيقة سلوك يؤذي بشكل عميق، ويؤثر على النفس البشرية بطرق لا تُرى بالعين، بل تُشعر في القلب، وتُرسخ في العقل. وكثيرون يتعرضون يوميًا لجمل مثل: “ما منك فايدة” أو “أنت فاشل”، دون أن يدرك المتكلم أن كلماته قد تُطفئ طموحًا أو تهز ثقة على المدى الطويل
وتكمن خطورة التقطيم في أنه لا يكتفي بإضعاف العلاقة بين الأفراد، بل يزرع في النفس شعورًا بالدونية والعجز حيث يبدأ الإنسان في الشك بقدراته ويتجنب التجربة خوفًا من الفشل أو النقد ومع الوقت تتكون لديه صورة سلبية عن نفسه يصعب محوها.
ولعل من أهم أسباب التقطيم هو الجهل بأثر الكلمة أو نقل أنماط تربوية سلبية دون وعي إضافة إلى شعور داخلي بالنقص يدفع البعض بدافعه لتحطيم من حولهم ليرتفعوا زيفًا ،كما أن بعض الأشخاص يمارسون التقطيم كنوع من “التربية القاسية”، ظنًا منهم
أنها طريقة محفِّزة، لكن العلاج ممكن. وأول خطوة هي إدراك خطورة الكلمة وتأثيرها طويل المدى،، ثم يأتي التدرّب على التعاطف، والحديث الإيجابي وتبنّي أسلوب النقد البنّاء بدل الجارح. أما المُتلقي، فعليه أن لا يجعل كل كلمة سيفًا، بل يتعلم كيفية وضع الحدود والتفريق بين الرأي والتقليل.
ولا يخفى علينا أن الكلمة إمّا أن ترفع إنسانًا، أو تهدمه. ولذا اختر أن تكون ممَّن يضيئون الطريق بكلماتهم، لا ممَّن يطفئون نور الآخرين و يتركونهم بحرقة في دواخلهم. فلنحذر من التقطيم لأنه قد يسلب أحدهم أشياءً لا تُعوض و تترك فيه أثرًا هادمًا طول العمر.

fatimah_nahar@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *