فوجئت ذات عام باتصال من المنطقة الشرقية يقول صاحبه إنه يريد جواباً عن سؤال حيّره. فقلت للرجل: ما هو؟ فقال: ما هي المبررات التي قدمها أبونا آدم عليه السلام لربنا تبارك وتعالى ليخلق له حواء؟ فلما قلت للرجل لا أعلم. فقال: أليس هذا مركز معلومات؟ قلت: بلى. قال: ما تقدر تفيدني؟ قلت: الجواب ليس عندي، ولكن اتصل بالشيخ أحمد الكلداري، لعل عنده الجواب. فقال: وأنت تعرف الشيخ الكلداري؟ قلت: لا. ولكني سمعت عنه. فقال: أنا أفتخر بأنك وأنت من المنطقة الغربية تعرف أستاذي.
انتهت المكالمة، وندمت أني لم آخذ جوال السائل، وأعرف منه جواب الشيخ الكلداري. والذي تعلمته من شيوخنا في هذا الموضوع أن آدم عليه السلام شعر بالوحشة وهو في الجنة وحيداً ثم نام ولما استيقظ وجد حواء بجواره.
لكن الثابت المؤكد عن أبينا آدم عليه السلام، ندمه العميق هو وحواء على مخالفة أمر الله تعالى بالأكل من الشجرة الممنوعة. وكانت النتيجة أنه هبط وزوجته إلى الأرض. وقد ألهمه الله أن يدعو ربه بقوله: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
وكان آخر عهد البشرية بآدم كما جاء في تفسير النسفي أن نبي الله نوحا نقل جثمان آدم عليهما السلام إلى السفينة وجعل الجثمان فاصلا بين الرجال والنساء في الطبقة التي ركب فيها البشر. ثم دعا نوح بالدعاء الرهيب: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا. رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا.
وقد استشكلت دعاء عيسى في سورة المائدة هل أدعو الله به أم لا. وهو ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين. فقال لي أحد العلماء: حذار لأن في ختام دعاء عيسى تهديد شديد. أما دعاء سليمان فهو يتعلق بالمستحيل: وهو رب اغفر لي وهب ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب. من ذا الذي يريد أن يملك الجن والريح ويعرف لغة الطير والنمل؟
والقرآن الكريم عامر بالأدعية للأنبياء والمرسلين عليهم السلام. من ذلك دعاء إبراهيم في سورة البقرة وفي سورة إبراهيم. ودعاء موسى في سورة طه: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. وفي سورة القصص: رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير. وكذلك دعاء نبي الله يونس وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
إن الدعاء مُخ العبادة. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.