يعود ديسمبر، ما يعني أن عامًا أخر بافراحه وأتراحه يمضي إلى روزنامة العمر، هذا العام لن أضعه تحت تصنيف معين، لأنه كان مملوءًا بالتجارب والقصص، ولذلك حين سالتني زميلة عن تحقيق أهدافًا كتبتها في بدايته، أخبرتها أني لن أضع شيئًا لعامِ قادم، لأن طيلة العام كانت تظهر أهدافًا وليدة الوقت، استمتعت بخوض تجاربها أكثر من التي كتبتها في ورقة وضعتها على بداية التقويم.
ففي الحقيقة نحن نعلم مدى الحماسة التي تكون في نهاية العام، تجعلنا نجمع أهدافًا نحاول تحقيقها حين يبدأ شهر يناير، حيث يحمل معه تلك القرارات الرائعة للعام الجديد. لكن بحلول شهر فبراير، تبدأ تخفت حماسة تحقيق تلك الأهداف حتى ننسى ما عزمنا عليه نحو الأهداف بحلول منتصف العام، حين ننسى ما كنا نعتزم أن نصبح عليه أو تحقيقه، وهذا ليس تراخيًا منا أو لا مبالاة، لكن عادة ما تسيطر الحياة العملية علينا، والتي تأخذ مننا معظم أيامنا، أو تشغلنا مسؤوليات العائلة والمجتمع عنها بطريقة غير مباشرة.
لكن هذا لا يعني أن تكون تلك الاسباب عذرًا لمحو الأهداف من حياتنا، بل العكس، هناك أهداف سنوية يجب علينا إنجازها معرفتها وإنجازها إن كانت بحاجة لذلك، كالهدف الأكاديمي، ومافيه من السعي لنيل أعلى الدرجات التي تساعد في تحقيق ذلك الجانب المهم في حياة كل منّا، بالاضافة للأهداف المهنية والمالية، والتي تهتم بالحصول على تطور ذلك الجانب، فوضعها والسعي نحو تحقيقها، يساعد على الشعور بالإنجاز الذي يساهم في التطور الشخصي، وتحسن علاقاتك والتواصل العميق معك نفسك، فشعور الإنجاز، يزيد يقين المرء بنفسه وقدراته.
فمن فوائد تحقيق الأهداف، أنها وسيلة للخروج من كوننا عالقين في مكان واحد، لم نتقدم أو نتأخر، فهذا الشعور إن تمكن منّا، كان كالقفل الذي ضاع مفتاحه وصعب فتحه، لكن، حين تحقق في كل مرة هدفًا -ولو كان بسيطًا-، فهذا يعتبر فوزًا، وهذا يستحق الاحتفال، وفي كل مرة تكافئ فيها نفسك ، فإنك تعزِّز طاقتك وتبني دافعك للاستمرار، ممّا يساعدك على التغلُّب على التسويف الذي نعاني جميعنًا منه.
وفي النهاية السعي لتحقيق كل الأهداف المكتوبة، أمر صعب، ولكن مع القليل من التخطيط، يمكنك إعداد نفسك للنجاح. والقيام بذلك سوف يعود عليك بالفائدة، حيث ستضع نفسك على مسار النمو الشخصي، وستجد دافعًا جديدًا في كل خطوة على الطريق، لهذا عليك أن تصحو كل يوم بهدف، لو كان شرب كوب قهوة، والمحافظة على مزاجك أن يكون رائقاً حتى نهاية اليوم.
i1_nuha@