تشهد المملكة العربية السعودية تحولًا كبيرًا في مختلف القطاعات بفضل رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتطوير مختلف المجالات، ومن ضمنها قطاع الإعلانات، يعتبر تنظيم وتطوير هذا القطاع جزءًا مهمًا من هذه الرؤية، حيث يتزايد الاعتماد على الإعلانات الرقمية والتقنيات الحديثة لتوليد دخل اقتصادي كبير.
في ظل هذا التحول، يظهر ضرورة تنظيم قطاع الإعلانات بشكل متكامل. حيث أصبحت الشاشات الإعلانية في الأماكن العامة مثل الفنادق، المقاهي، والمراكز التجارية، فرص ذهبية لتوليد عائدات من خلال فرض رسوم رمزية على التصاريح. تنظيم هذه العملية، يمكن أن يشمل إصدار تصاريح رسمية لكل شاشة إعلانية، ما يسهم في زيادة الإيرادات وتحقيق مداخيل إضافية للدولة.
تنظيم المحتوى الإعلاني، أمر لا يقل أهمية. يجب أن يتم مراجعة كل إعلان من الجهات المختصة لضمان مطابقته للمعايير الوطنية. الإعلانات الخاصة بالمنتجات الغذائية يجب أن تخضع لإشراف هيئة الغذاء والدواء، بينما الإعلانات التجارية يجب أن تكون تحت إشراف وزارة التجارة. هذا التنظيم يعزز الثقة بين المستهلكين والمعلنين ويحميهم من الإعلانات المضللة أو غير المصرح بها.
من أجل تحسين هذا القطاع بشكل شامل وشفّاف، يمكن إنشاء منصة وطنية للإعلانات باسم “إعلاني”، تتيح للمعلنين نشر إعلاناتهم في الأماكن العامة بضغطة زر. عبر هذه المنصة، يمكن للمعلنين إدارة إعلاناتهم بيسر وسهولة، مع اقتطاع الرسوم والضرائب بشكل تلقائي وشفَّاف. هذا النظام يسهم في تسهيل العملية الإعلانية وضمان التزام الجميع بالقوانين والأنظمة.
تطوير هذه المنصّة سيسهم في تحقيق عدة فوائد هامة: أولًا: سيعزِّز الثقة في السوق الإعلاني عبر تنظيم الإعلانات، والتأكد من مصداقيتها، ممّا يحمي المستهلكين من أي محاولات للتلاعب أو التضليل. ثانيًا: سيساهم في تنمية الاستثمارات في قطاع الإعلانات، إذ يصبح السوق أكثر جذبًا للشركات المحلية والدولية. كما أن فرض رسوم تصاريح، سيوفر للدولة إيرادات إضافية تُستخدم في تحسين الخدمات العامة. وأخيرًا، ستوفر المنصَّة بيئة شفافة تسهل على المعلنين متابعة تفاصيل إعلاناتهم وضمان التزامهم بالقوانين.
بالإضافة إلى الشاشات العامة، يجب أن يشمل التنظيم الإعلانات في المصاعد داخل المباني التجارية والخاصة. حتى المنشورات الورقية أو الرقمية الصغيرة يجب أن تخضع للتصاريح اللازمة، إذ تمثل جزءًا من البنية الإعلانية العامة.
هذا التنظيم لا يهدف فقط إلى تحسين جودة الإعلانات، بل هو جزء من رؤية 2030، التي تهدف إلى تطوير القطاعات كافة، وتحقيق الابتكار الاقتصادي. تطوير قطاع الإعلانات يعزِّز من مكانة المملكة كمركز إقليمي رائد في مجال الإعلام والإعلان الرقمي، ويسهم في تسريع التحول الرقمي.
في الختام، يعدّ تنظيم قطاع الإعلانات، فرصة حقيقية لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا المجال، وتعّزيز الابتكار والاستثمار في المملكة. بدعم القيادة الحكيمة وبتبنِّي تنظيم شامل وفعَّال، يمكن للمملكة أن تكون رائدة في قطاع الإعلانات الرقمية، ممَّا يعزِّز من مكانتها على الساحة العالمية، ويحقق أهداف رؤية 2030.