روتشستر، ولاية مينيسوتا — البلاد
يستخدم علماء مايو كلينك الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحليل اختبارات مخطط كهربية الدماغ بسرعة وبدقة أكبر، مما يمكّن أطباء الأعصاب من العثور على مؤشرات مبكرة للخرف ضمن البيانات التي لا تخضع للفحص عادةً.
غالبًا ما يُستخدم مخطط كهربية الدماغ الذي يعود تاريخه إلى قرن من الزمان، وخلاله تُلصق العديد من الأقطاب الكهربائية بفروة الرأس لمراقبة نشاط الدماغ، للكشف عن مرض الصرع. ويفسر نتائجه أطباء الأعصاب وغيرهم من الخبراء المدربين لرصد أنماط بين الموجات المتعرجة التي تظهر أثناء الاختبار.
في بحث جديد نُشر في مجلة Brain Communications، شرح العلماء في برنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب في مايو كلينك كيف يمكن للذكاء الاصطناعي ليس فقط تسريع التحليل، بل وتنبيه الخبراء الذين يحققون في نتائج الاختبار إلى الأنماط غير الطبيعية الدقيقة للغاية التي يصعب على البشر تبينها. تُظهر هذه التكنولوجيا إمكانية مساعدة الأطباء في المستقبل للتمييز بين مسببات مختلف المشكلات الإدراكية، مثل داء الزهايمر وخرف أجسام ليوي. يشير البحث إلى أنه يمكن لمخطط كهربية الدماغ المستخدم لفحص صحة الدماغ، والمتوفر على نطاق أوسع، والأقل تكلفة، والأقل توغلًا من الاختبارات الأخرى، أن يكون أداة متاحة بصورة أكبر لمساعدة الأطباء على اكتشاف المشكلات الإدراكية لدى المرضى مبكرًا.
“هناك الكثير من المعلومات الطبية في هذه الموجات الدماغية حول صحة الدماغ متضمنة في مخطط كهربية الدماغ”، كما يقول المؤلف الرئيسي ديفيد تي جونز، دكتور في الطب، وطبيب أعصاب ومدير برنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب. “ومن المعروف أنه يمكنك رؤية هذه الموجات تتباطأ وتبدو مختلفة بعض الشيء لدى الأشخاص الذين لديهم مشكلات إدراكية. أردنا في دراستنا معرفة ما إذا كان بإمكاننا قياس هذا النوع من التباطؤ بدقة وتحديد مقداره بمساعدة الذكاء الاصطناعي”.
ولتطوير هذه الأداة، جمع الباحثون بيانات من أكثر من 11000 مريض ممن أجروا مخطط كهربية الدماغ في مايو كلينك على مدار عقد من الزمن. حيث استخدموا التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لتبسيط أنماط موجات الدماغ المعقدة إلى ست سمات محددة، وتعليم النموذج التخلص تلقائيًا من عناصر معينة، مثل البيانات التي يجب تجاهلها، من أجل التركيز على الأنماط المميِزة للمشكلات الإدراكية مثل داء الزهايمر.
يقول وينتاو لي، دكتوراه في الطب، وهو مؤلف أول مشارك للورقة البحثية والذي أجرى البحث مع برنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب بينما كان زميلًا في علم الأعصاب السلوكي السريري في مايو كلينك: “لقد كان من اللافت الطريقة التي ساعدت بها التكنولوجيا بسرعة في استخراج أنماط مخطط كهربية الدماغ مقارنةً بالمقاييس التقليدية للخرف مثل الاختبارات الإدراكية بجانب السرير والمؤشرات الحيوية للسوائل وتصوير الدماغ”.
يقول الدكتور جونز: “في الوقت الحالي، أحد الطرق الشائعة لتحديد مقدار الأنماط في البيانات الطبية هي رأي الخبراء. ولكن كيف نعرف أن هذه الأنماط موجودة؟ نعرف لأن الخبراء يخبرونا أنها موجودة”. “ولكن الآن مع استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، لا نرى فقط الأشياء التي لا يستطيع الخبراء رؤيتها، ولكن الأشياء التي يمكنهم رؤيتها، ويمكننا وضع رقم دقيق لها.”
إن استخدام مخطط كهربية الدماغ لرصد المشكلات الإدراكية لا يستبدل بالضرورة أنواع الاختبار الأخرى مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، ولكن بفضل قوة الذكاء الاصطناعي، يمكن لمخطط كهربية الدماغ أن يوفر في المستقبل لاختصاصيي الرعاية الصحية أداة أقل تكلفة وأكثر توفرًا للتشخيص المبكر في المجتمعات التي لا يمكنها الوصول بسهولة إلى العيادات أو المعدات المتخصصة، كما هو الحال في المناطق الريفية، وفقًا للدكتور جونز.
يقول الدكتور جونز: “من المهم للغاية اكتشاف مشكلات الذاكرة مبكرًا، حتى قبل أن تصبح جلية”. “والوصول إلى التشخيص الصحيح مبكرًا يساعدنا على إعطاء المرضى التنبؤات الصحيحة والعلاج الأفضل. يمكن أن تشكل الأساليب التي ننظر فيها وسيلة أرخص لتحديد الأشخاص المصابين بفقدان الذاكرة المبكر أو الخَرَف إذا ما قورنت بالاختبارات الحالية التي لدينا، مثل اختبارات السائل الشوكي، أو مسح الغلوكوز في الدماغ، أو اختبارات الذاكرة”.
إن الاستمرار في اختبار الأدوات وإقرارها سيستغرق عدة سنوات من البحث الإضافي، بحسب الدكتور جونز. إلا إنه يقول إن البحث يُظهر أن هناك طرقًا لاستخدام البيانات السريرية لدمج أدوات جديدة في مسار العمل السريري لتحقيق هدف الباحثين المتمثل في إدخال نماذج وابتكارات جديدة في الممارسة السريرية، وتعزيز قدرات التقييمات الحالية وتوسيع نطاق هذه المعرفة خارج نطاق مايو كلينك.
“يجسد هذا التعاون العمل الجماعي متعدد التخصصات لتعزيز أبحاث الرعاية الصحية القائمة على التكنولوجيا التحويلية،” وهو ما قاله يوجا فاراتاراجا، حاصل على الدكتوراه، والمؤلف الأول المشارك للورقة البحثية والذي كان شريكًا بحثيًا في أبحاث برنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب عند اكتمال هذا العمل.
يشمل تمويل البحث الدعم المقدم من صندوق عائلة إدسون، ومؤسسة الصرع الأمريكية، وزمالة عائلة بنجامين أ. ميلر للشيخوخة والأمراض ذات الصلة، وبرنامج الذكاء الاصطناعي لطب الأعصاب في مايو كلينك والمؤسسة الوطنية للعلوم (المنحة رقم IIS-2105233)، ومعاهد الصحة الوطنية، بما في ذلك المنحة UG3 NS123066.