كم كان صاعقاً، نبأ موت أحد الأطفال في حادث اصطدامه بسيارة مسرعة، وهو يهمُّ بالتقاط طابته التي تدحرجت بعيداً إلى الشارع ، خارج حرم الحديقة التي كانت مساحته للعب والاستمتاع ، وصارت مكاناً خطراً أنهت حياته في لمح البصر ، حيث لا سياج لها من خرسان يحميه، ولا شبك فيها من حديد يصدّه عن قدره المحتوم !
لقد دُهس الطفل بدم بارد ، وثكلته أمه ، وافتقده رفاقه، وبكاه المجتمع، وخسره الوطن ، مات الطفل لأننا لم نحمه كفاية ، ولم نصن حقوقه كفاية، ولم نحسب المخاطر التي تحفّه من كل جانب ، ولم نجنبه شر الوقوع بها .
حوادث الأطفال مأساوية ، هناك من الأطفال من يختنق جراء ابتلاعه أجساماً قاسية ، وهناك من يتسمّم جرّاء تذوقه الأدوية المبعثرة، ومستحضرات التنظيف مثل ( الكلور )، الذي يُصعِب التنفس ويتلف أنسجة الجسم . يحترق الطفل جرّاء عبثه بعلب الكبريت، والولّاعات الغازية، والشموع المضيئة، وحين يعض الأسلاك الكهربائية، ويقترب من آلات الكوي الساخنة ، وحين يُترك لفترة طويلة تحت أشعة الشمس الحارة ، يغرق الطفل جرّاء تركه وحيداً في حمامات السباحةً، أو تائهاً بجوار مجاري المياه الآسنة ، تكسر أطراف الطفل جرّاء ركضه حافي القدمين على أرض مبلّلة بالماء ، أو نتيجة استخدامه أحذية غير مضادّة للانزلاق، أو بسبب التدافع في المدارس، أو التحشُّد في الملاعب ، يمرض الطفل، وتزداد خطورة إصابته بالربو، نتيجة استنشاقه لروائح الدخان الضار، ولهواء البيئة الملوَّث ، يتوحّد الطفل نتيجة نسيانه في غياهب الغرف المظلة مع شاشة الكترونية صماء لا تلبي احتياجاته الحركية والذهنية ، وهناك الكثير والكثير من الأسباب والمسبِّبات التي تصيب الأطفال في مقتل ، وهم في غفلة عنا فتحرمنا وجودهم أصحاء متألقين بيننا .
يقول المولى عز وجل : ” وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس” . لقد وجد الحديد لينفع بني البشر وينتصر لهم بلا حدود ، فلم لا نسعى إلى امتلاك سبل الدفاع القوية والمناعة الهجومية ، ونسيّج حدائق الأطفال وبواباتها بالحديد، فنضمن لهم البقاء الآمن واللعب المريح ، ولم لا نرفع قضبان الحديد على الأسطة والنوافذ التي تحميهم من التسلق والسقوط ، ولم لا نبذل كثيراً من الجهود في سبيل معيشتهم الصحية، ولياقتهم البدنية وقدراتهم العقلية؟ فهم رواد المستقبل، وشبابه الذي لا يلين ، وهم الصفاء، والنقاء، وكل شيء جميل.
bahirahalabi@