يخصّ الله عزّ وجلّ أياماً معلومات بشيء من البركات والرحمات والإبتهالات والذكر والشكر ، وجوامع العبادات إنها العشر الأول من ذي الحجة ، قال تعالى : ( والفجر * وليال عشر* والشفع والوتر* والليل إذا يسر* هل في ذلك قسم لذي حجر )
أمّا الفجر فمعروف أنه الصبح ، وقيل إن المراد به فجر يوم النحر خاصة وهو خاتمة الليالي العشر والمراد بها عشر من ذي الحجة.
وقد ثبت في صحيح البخاري:( ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام، يعني العشر من ذي الحجة ، قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء).
وروي عن جابر :( إن العشر الأضحى ، والوتر يوم عرفة ، والشفع يوم النحر.
( والليل إذا يسر ) أي إذا سار أو ذهب بمعنى أن القسم كان بإقبال الليل وإدبار النهار ـ وهي ليلة المزدلفة.
(هل في ذلك قسم لذي حجر ) أي لذي عقل ولُب.
وقد سمي العقل (حجراً) لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال ) ـ تفسير ابن كثير ـ وهذا قَسَم خاص امتازت به عشر ذي الحجة لما فيها من اجتماع أمهات العبادة من صلاة وصيام وصدقة وحج، فما أعظم التقرب إلى الله بما يحب من أعمال جامعة للخير كعبادة الصيام، فقد ورد عن رسول الله عليه الصلاة والسلام : ( ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله ،إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً).
أما الذكر فهو فيها ـ أي العشر ـ أفضل منه في غيرها من الأيام ، وفي هذا السياق قال تعالي : (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) وهي الأيام العشرة من ذي الحجة عند جمهور العلماء .
أمّا أعظم عبادة في هذه الأيام فهي فريضة الحج والتي قال فيها رسولنا الأمين : ( من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) .
شعائر راقية تسمو بالنفس المؤمنة : ذكر وتكبير ، شكر وتهليل ، حمدُُ لله وترتيلُُ لقرآن عظيم ، هذه مواسم الخير الباعثة للنسمات الدافئة في أرواحنا، والعبرات الصادقة في أفكارنا ، فلنفق من غفلتنا ، ونجدّد توبتنا ،ولترتفع أصواتنا طلباً في رحمته، ولتبكِ الأعين دمعًا من خشيته.
اللهم إني أسألك نفساً بك مطمئنة ، تؤمن بلقائك ، وترضى بقضائك ، وتقنع بعطائك.