سألني صديق كيف يرضى البعض أن يمدحه أحد بما ليس فيه؟
ولأن الاجابة ليست سر دفين، والسؤال في ،أصله لايبحث عن إجابه، هنا يصبح السؤال استنكاري، يفتح سيل الحديث، وتركت لصديقي الإسترسال وهو يقرأ تغريدة يمدح فيها خليل خليله.
وقال وزاد ذلك الخليل حتى ظن القارئ أن تلك التغريدة ساخرة.
والمدح فيمن لايستحق ظلم للنفس وغش للمجتمع وكذب صريح .
وكما قيل قديماً (مدح على غير الحقيقه مذمة)
ولأن الحديث يجر بعضه هنا ،نرى عدداً من الكتاب والشعراء باتوا يغلفون الذم بعبارات المدح، والممدوح هنا يعرف ذلك جيداً لان الصفات التي قيلت فيه في الواقع ليست فيه ( كالوقوف مع الضعاف والشفاعة والإنفاق والمسح على رؤوس على الأيتام ،………..)
كأن يقول الشاعر:
أنت الشجيع وراية الموت شلفاه
يارد مواريد الخطر مايبالي
وانت الكريم اللي عطا الجود يمناه
أبو اليتامى والعطايا الجزالي
صح لسانه وصفقوا له.
واللافت أن هذا الممدوح قضى سنين عمره لم يشكره أحد، حتى وفد عليه المادح ، ففي مثل هذا وغيره قال رَسُول اللَّهِ ﷺ : «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب»
وعليه الصلاة والسلام يدرك أن هؤلاء يكذبون. والكذب علامه من علامات المنافق.
أما المدح فيمن يستحقه فهو ثناء واجب، فيه ردّ للجميل، وحفظ للمعروف بين الناس.
المدح من الخصال الجميلة لأنه معه تطيب الخواطر، وفيه استحضار وامتنان لأصحاب الفضل.
والمدح شكل من أشكال الشكر، وإظهار الجميل، وذكر الحق وأهله.
ولكنه عندما يكون في غير موضعه ،يصبح ذمّاً مغلّفاً. وكذباً مؤلفاً.
والمدح في هذه الحالة مذموم، قال تعالى: ( لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)
لو أدرك الممدوح أن الذين مدحوه كذباً إنما أضروه عن قصد، وسلّطوا الأضواء عليه ليجعلوا منه موضع سخرية، وقلّلوا من شأنه حتى لو أحسنا الظن في نياتهم.
لو سلم الممدوح من وصف المادح ليتحدث عمله عنه أفضل ممّا هو فيه الآن من وضع لا يحسد عليه
ونختم بقول أحد الصالحين:
قال وهب بن منبه: إذا سمعت الرجل يقول فيك من الخير ما ليس فيك؛ فلا تأمن أن يقول فيك من الشرّ ما ليس فيك.
وأخيراً، أيها الممدوح لاتكن بالوناً ينفخ بالهواء فترتفع ليس لأن لك قيمة، ولكن لأنك فارغ من الداخل.