مع تسارع وتيرة الحياة اليومية، ومحاولات التوفيق بين العلاقات الاجتماعية والعملية، فإننا في لحظة ما نشعر بأن عقولنا قد توقفت عن التفكير أو حتى القدرة عن إيجاد كلمة تصف ما نحاول قوله لأحدهم، وقد شعرت بهذه الحالة حين اصبحت أجلس وقتًا ليس بالقليل أمام الشاشة، أحاول فيها إيجاد فكرة للكتابة أو التعبير عن موقف بكلمة من قاموس اللغة واكمال حوار، وأنا التي أعرف من المفردات ما يجعلني متحدثة جيدة.
فحين لاحظت ذلك الخلل الذي أمر به بدأت بمراقبة نفسي، وأدركت أن هناك ما يجعلني اتوقف عن التفكير، قررت تقديم إجازة لأيام فيما أحاول البحث عما يحدث لي، فوجدت أن من الطبيعي أن يتوقف الدماغ عن تقديم الإبداع الذي نمتاز به لفترة معينة؛ تعبيرًا عن الجهد الذي يمارس عليه، ولتقريب هذه الحالة -مجازًا- سأطلق عليه “شلل الإبداع” لأنه عائق لا يساعدك على الشعور بالإلهام في مهارتك التي اعتدت ممارستها الإبداعية أو الوظيفية أو حتى في علاقاتك الاجتماعية، حين تخسر كل من حولك، وتجد العديد من التغييرات في محيط مجتمعك، فيما أنت منكب على أعمالك التي لن تبدع فيها بقدر إنجازها كواجب روتين يومي، حينها تجد إبداعك الذي عرفته في نفسك مهما كانت أهميته بالنسبة لك حتى في محطيك قد شل، وأنت تتحجج بأن تلك حياتك اليومية والعملية.
وطبعًا لكل مشكلة حل، فكل ماله علاقة بإجهاد الدماغ علينا أن نبتعد عنه لفترة وجيزة من اليوم، فلا يصح أن تعمل على شاشة الحاسب ساعات طيلة من اليوم، وفي وقت الفراغ تمسك بهاتفك لتمضي جل وقتك فيما لا يساعدك، ويزيد من إجهادك، فلا تنتفع بقدر ما تتعب. ولو حدث وكنت مجبورًا على الإمساك به فقم بتغيير روتينك، كأن تنهي أعمالك وأنت تمارس المشي أو الجلوس أمام البحر أو الاستمتاع بكوب قهوة، أو التحدث مع أحدهم فيما تنهي أعمالك، فهذا يساعدك على كسر قاعدة الروتين ويحفز دماغك على الإبداع.
بالإضافة إلى أن تأمل ما حولك يساعدك على الإبداع، وهذه عادة أحب ممارستها بصورة يومية، سواء في الطريق إلى مقر العمل أو الانتظار في طابور القهوة، فإني انظر حولي واكتشاف ما أجده مثيرًا للاهتمام، وغالبًا يساعدني على إيجاد فكرة للكتابة أو حل لمشكلة كان تؤرقني.
لكن أهم ما ذلك حين تشعر بهذا الخلل، وتدرك أنك بدأت بخسارة نفسك وعقلك فلا تقلق، وتفقد يقينك بإبداعك ونفسك، فشلل الإبداع ما هو إلا تنبيه لدماغك أن تحرص أكثر على راحته لتبدع أكثر.
@i1_nuha