” أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس ” ، عبارة كان يردِّدها جوزيف غوبلز ، بوق الإعلام النازي وذراع هتلر، بهدف قمع حرية الفكر والتعبير في بلاده ، وتشويه سمعة الأعداء خارجها .
لقد كذبت أمريكا على العالم بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل ، وأنه يشكل خطراً على المنطقة والعالم ، وكانت النتيجة أن شن عليه الحرب، ودمّر بلد الحضارات ، ولم يكن صدقاً ما ادعوه ، كما كذّبت المنظمات الصهيونية على العالم ،وادعت أن لليهود وعداً الهياً في العودة إلى أرض المعاد ، وأنهم يعيشون حالة من المظلومية منذ محرقة الهولوكوست، وأنهم مضطهدون ، ويعانون الشتات ، تلك هي الدعاية التي أكسبتهم تأييداً دولياً لقيام كيانهم الإسرائيلي واحتلال فلسطين وتشريد شعبها ، ودخول عالما العربي على إثرها ، في حروب ونزاعات لم تنته حتى يومنا هذا .
كان هذا هو الكذب الأخطر على مستوى الأمم والشعوب ، ولكن ماذا على صعيد الفرد والمجتمع ، ولماذا يكذب الإنسان ويستمرئ التلفيق والمراوغة ويحلو له قول نصف الحقيقة وتزّييف الوقائع ؟
هل هو مريض نفسي حتى لا يصدق القول ، هل يكذب ليرضي الناس ولا يقع في الحرج ، هل ينافق ليتقرب من أهل السلطة وذوي النفوذ ، هل يكذب من هو بصفة تاجر ليزيد من أرباحه على حساب جودة المنتج وأخلاق المهنة ، هل يكذب الانسان خوفاً من عقاب أو تأنيب كالأطفال ، هل يكذب الفنان في ملامحه ويبالغ في التجّميل كي يُعطى دوراً رئيسياً ويتقاضى عليه أجراً أعلى، هل يتباهى الانسان بثروته المالية ، وسرد بطولاته الوهمية كي يهابه الناس ويحسبون له ألف حساب وهل تكذب علينا بعض القنوات الإعلامية صباح مساء ،كي تضلِّل الرأي العام وتتربّح من زيادة المتابعين ؟!
يقول أحد الحكماء :”من استحلى رضاع الكذب، عسر فطامه”. ويقول محرّر العبيد الرئيس الأمريكي أبراهام لينكون:” يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت وبعض الناس كل الوقت ولكن لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت ” ، فاضبط لسانك أيها الكاذب ، واعلم أن الكذّاب سوف لن يصدقه أحد حتى ولو قال صدقاً ، وأن حبل الكذب قصير، فسرعان ما سيفتضح أمرك وتصبح أضحوكة بين الناس ، واعلم أن أصحابك المقرّبين ،سينفضوا من حولك لأن خلائق السوء تعدي ، والمرء على دين خليله ، وفي مستنقع الأكاذيب ، لا تسبح إلا الأسماك الميتة ، فقل الحق ولا تخف في الله لومة لائم ، وإن لم تستطع قول الحق ،فلا تصفِّق للباطل .
bahirahalabi@