د. هنادي أبو خديجة
يوم 22 من شهر فبراير ممن كل عام هو من الأيام الخالدة التي تنسج التاريخ وتصيغ للمستقبل الحاضر. هو يوم الذكرى لتأسيس الدولة السعودية الأولى والتي ظهرت على يد المؤسس الإمام محمد بن سعود رحمه الله وعاصمتها الدرعية. فمنذ ذلك العهد ولمدة ثلاثة قرون وجذور تاريخنا راسخة وباقية تمتد عبر الأجيال بكل معاني الاصالة والمجد وما حققته من الوحدة والأمن والاستقرار في الناء والتوحيد والتنمية.
ولنتعرف عن قرب وعن جذور التأسيس ممن حكموا هذه الأرض الطيبة المجيدة. فقد ولد الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن عام 1090هـ / 1679 م ونشأ وترعرع في الدرعية، واستفاد من التجربة التي خاضها في شبابه حين عمل الي جانب والده في ترتيب أوضاع الإمارة، وهو مااعطاه معرفة تامة بكل أوضاعها.
عرف عنه صفات متعددة كالشجاعة والحكمة وحب الخير والقدرة على التأثير. وكان محمد بن سعود امتداداً لتاريخ أسلافه الذين بنوا الدرعية على ضفاف وادي حنيفة وحكموها منذ القرون الوسطى 850/ 1446م، وانتقل بها من دولة المدينة الي دولة واسعة. تولى الإمام محمد بن سعود الحكم في أوضاع استثنائية في منتصف عام 1139هـ / 1727م، وفي ظروف التحديات التي واجهته استطاع ان يتغلب على الانقسامات الداخلية في المنطقة وان يوحد الدرعية وان يسهم في نشر الاستقرار في منطقة العارض وماحولها ومن ثم قيامة ببدء الحملات والتوجه الي توحيد معظم منطقة نجد وانتشار أخبار الدولة في معظم أرجاء الجزيرة العربية.
ساهمت هذه الدولة الجديدة على إرساء أسس الحياة الحضرية المزدهرة من جميع الجوانب فمن الناحية الأمنية أرسى الإمام محمد بن سعود رحمه الله عوامل الحماية اللازمة وتهيئته لأسبابها وتأمين الاستقرار فيها. أما على الصعيد العلمي فقد كانت الدرعية منارة للعلم والثقافة وظهرت فيها مدرسة للخط والنسخ وبزر بها عدد من النساخ والخطاطين. فيما يخص النواحي الاقتصادية فقد أصبحت الدرعية محطة للطرق التي تمر بها قوافل التجارة والحج وأدى اعتناء الدولة السعودية الأولى بها وتأمين هذا الطريق عاملاً هاماً في إرساء دعائم الأسس الاقتصادية للجزيرة العربية.
من هذه الجوانب المتعددة التي تأسست منذ قدم، وتفرعت وتطورت حتى بلغت عهدها في عهد الموحد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه، وفي ظل قيادة حكيمة أولت البلاد جل اهتمامها وعنايتها حتى أصبحنا الآن في مصاف أوائل دول العالم في التقدم والازدهار.
تاريخنا الماضي قصة علينا أن نرويها للعالم في أسطر لتبين عزمنا وطموحنا بماضينا الذي حقق مجدنا وتطورنا، ونحن نسير مع قادتنا بكل معاني الإخلاص والوفاء لوطن يستحق ان يخلد في ذاكرة الأمم.
ولا يسعني في نهاية المطاف إلا ان استشهد بكلمات سمو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود لهذه الذكرى الخالدة والتي أكدت قيمة المملكة العربية السعودية عبر قرون عدة قائلاً سموه: (لدينا عمق تاريخي مهم جداً موغل بالقدم ويتلاقى مع الكثير من الحضارات، الكثير يربط تاريخ جزيرة العرب بتاريخ قصير جداً والعكس أننا أمة موغلة في القدم).
عضو هيئة تدريس– تخصص تاريخ
نائبة مدير عام فرع جامعة طيبة بالعلا
Hanadiabokadeja@
